الأحد، 14 نوفمبر 2010

المجلس الوطني محافظة الضالع يرفع اسمي آيات التهاني والتبريكات لشعب الجنوب العربي والى قيادة المجلس الوطني بمناسبة عيد الأضحى المبارك


بسم الله الرحمن الرحيم
المجلس الوطني محافظة الضالع يرفع اسمي آيات التهاني والتبريكات لشعب الجنوب العربي بمناسبة عيد الأضحى المبارك
الوطني برس الضالع خاص
في هذه الأيام المباركة التي يعيشها المسلمين في شتى بقاع العالم والذي يؤدون فيها شعائر إسلامية عظيمة ومباركة وهي شعيرة الحج وبمناسبة قدوم العيد المبارك يوم الثلاثاء فانه رغم المعاناة والألم والقهر الذي يعيشه شعب الجنوب جراء وقوعه تحت الاحتلال اليمني المتخلف وما يعانية شعب الجنوب من جرائم بشعة بحق شعب الجنوب كان أخرها وليس بآخرها اعتقال رمز وقائد ثورة شعب الجنوب المناضل الجسور حسن احمد باعوم وايداعة السجن في صنعاء الى جانب عدد من مرافقيه وحملات المداهمة والاعتقال لنشطا الثورة التحررية السلمية في عدن وكل ارض الجنوب ,فان قيادات وأعضاء وأنصار المجلس الوطني الأعلى محافظة الضالع يتقدمون الى شعب الجنوب الأبي المناضل من اجل حريته واستقلاله والى قيادة المجلس الوطني الاعلى لتحرير واستعادة دولة الجنوب وعل رأسهم المناضل امين صالح محمد رئيس المجلس الوطني الاعلى والى قناة عدن والى الأمة الإسلامية والشعوب الحرة بالتهاني والتبريكات بمناسبة عيد الاضحئ المبارك والذي نسال الله فيه ان يعود علينا وقد تحقق هدف شعب الجنوب وهو طرد المحتل اليمني من ارض الجنوب وقد استعاد شعب الجنوب هويته ودولته الجنوبية العربية المستقلة ان شاء الله.
ولا ننسئ بهذه الأيام المباركة والتي تجسد عظمة الدين الإسلامي وشعائره ان ندعو الله الحرية لمعتقلينا الصامدين في سجون الاحتلال وعلى رأسهم المناضل الرمز حسن احمد باعوم وكل المعتقلين ونسال الشفاء للجرحى والجنة للشهداء ومزيدا من الصمود والصبر لشعب الجنوب المرابط في ميادين النضال التحرري حتى التحرير والاستقلال.وكل عام وجميع شعب الجنوب بخير وصحة وعافية.

الأربعاء، 3 نوفمبر 2010

كلمة قيمة ألقاها المناضل أمين صالح محمد في مخسم الشهيد سيف علي سعيد

03 نوفمبر, 2010
كلمة قيمة ألقاها المناضل أمين صالح محمد في مخسم الشهيد سيف علي سعيد
كلمة قيمة ألقاها المناضل أمين صالح محمد في مخسم الشهيد سيف علي سعيدالدائرة الاعلامية -الضالعأيها الحاضرين جميعا في هذا المخيم الذي يحتضن بين كفأته هؤلا الرجال الذين اتو من مناطق الضالع تضامنا مع شهيد الجنوب شهيد الضالع الذي سقط مضرجا بدمائه برصاص الغدر والخيانة لا لشئ او ذنب ارتكبه الا انه مواطن بسيط يعمل بجهد وجد من اجل إعالة أسرته الا ان رصاص الغدر شاءت الا ان تنال من روحة الطاهرة ومن نضاله البار كرجل وكمواطن ينتمي الى هذه الأرض ارض الجنوب المباحة ويسعدني جدا ان انقل الى أسرة الشهيد وكل اصدقائة ومحبيه تعازي المجلس الوطني الأعلى ومحافظة الضالع وكل أعضاء وأنصار المجلس الوطني جميعا ويسعدني ان ابلغ هؤلا المحتشدين اليوم تعازي المناضل الجسور حسن احمد باعوم رئيس المجلس الوطني الأعلى أيها الإخوة الأعزاء يأتي تحشيدنا اليوم للعزاء بهذا المصاب الجلل الا إننا لانريد ان يتحول كل نضالنا الى مخيمات فقط إمامنا مشوار كبير من النضال يجب ان نتطلع به إمامنا مسيرات شاقه نحن إمام خصم لئيم ليس خصم عنيد ولكنه خصم لئيم علينا ان نطلع بهذه المسئولية وان ندرك كيف ندير صراعنا مع هذا الخصم علينا الا نتساهل في صراعنا معه مهما حققنا من انتصارات لكن علينا ان ندرك ان الطريق ليس معبد بالورود وعلينا الا نتساهل وعلينا ان نقوي صفوفنا بشكل اكبر علينا ا ن نزيد من التحامنا بشكل أقوى وهذا يتطلب منا شيئين رئيسين الشئ الأول يتطلب منا الوعي بقضيتنا والوعي بنضالنا ويتطلب منا أيضا القيم الاخلاقيه في نضالنا فمن غير ان يكون لنا وعي بقضيتنا وأساليب نضالنا وإدارة صراعنا مع الاحتلال لم نستطيع إدارة الصراع بكفاءة وإذا لم يكن لدينا قيم أخلاقية في نضالنا فلم نكن أصحاب قضية عادلة وأننا عندما نريد الحرية أيضا نريد الحرية كقيمة إنسانية لنا ولغيرنا وان نرفض ان يتحول نضالنا الى نضال عبثي ليس له قيمة او معنى وعندما نقول نريد ان نحرر أرضنا علينا ان ندرك ماذا نعني بتحرير أرضنا نحن لم نقل إننا نريد ان نحرر أرضنا بشكل عبثي ولم نقل ان الوحدة قد فشلت لأننا نريد ان نقول الوحدة قد فشلت لكن لان القيم التي أردنا ان تتحقق من خلال الوحدة قد سقطت وعندما سقطت القيم بالوحدة سقطت الوحدة وعندما حصل الغدر سقطت الوحدة وكان من حقنا ان نتبرأ منها ونحن لم نقل إننا نريد ان ننفصل نحن نقول انه كانت لنا دوله ونريد ان يعود وضعنا كدولة ولكن علينا ان نفكر ما هي الدولة التي نستعيدها ليست الدولة التي كانت قبل 90م الدولة التي كانت قبل 90م انتهت ونحن نعود الى وضع جديد علينا ان ندرك هذا الوضع الذي سنصل إليه عند التحرير وماذا يتطلب منا وعلينا ان نعد من الان ماذا نريد وعلينا ان نقدر الوضع الذي سنصل إليه ذلك اليوم كيف سيكون كيف نتعامل ونتعاطئ معه حتى نستطيع بناء دولة ليس بالشعارات تبنى الدول وليس بالشعارات تتحرر الشعوب ليس بالشعار اننا نقول إننا نريد ان نحرر الجنوب فقط ولكن يتطلب منا إدارة سياسية لهذه القضية حتى نستطيع ان نحقق الشعار رفع الشعارات شئ بسيط ولكن سيتحول الى شعار أجوف اذا لم يكن هناك إدارة سياسية محنكة تصل بنا الى تحقيق هذا الشعار فعندما نقول اننا نريد ان نستعيد الدولة علينا ان نعرف ماهي الضر وف حتى نستطيع ان نستعيد هذه الدولة وماهي الدولة التي نستعيدها وكيف يتم بنائها هذه القضايا تزداد بالأهمية ولها أهمية قصوى ومن غير ان يكون لنا هذا البعد سيصبح نضالنا ليس له قيمة وتصبح تضحياتنا نوع من العبث فقط سقط كثير من الشهداء والجرحى وما زال لدينا حتى ألان الألف من المعتقلين وما زالت السجون مفتوحة وما زالت الطرق مقطعة وما زالت حتى الاتصالات حيث أخذت بعدها ألشطري الذي كان ما قبل 90م يستطيع أي احد يتصل من قعطبه ولكنه لاستطيع ان يتصل من ما قبل قعطبة اذا هذا هو البعد ألشطري الذي استعانت فيه السلطة الاحتلال وتكرس بأنه وجود احتلال ولكنها ترفع شعارات أخرى تتحدث عن الوحدة اذا ليس برفع الشعار ات تتحقق الأشياء هو يقول بان الوحدة شعار ولكنهم لايستطيعون ان يثبتوا بأنها وحدة ونحن عندما نريد ان نقول اننا نريد ان نستعيد دولة الجنوب علينا ان لانطرحها كشعار فقط ولكن علينا ان نعمل من اجل الوصول الى هذا الهدف وان نطرح بعدنا للهدف الأخر ما هي الدولة وكيف نستطيع بنائها؟ ايها الإخوة الأعزاءان الشهداء الذين سقطوا وسفكت دمائهم في الشوارع هم أمانة في أعناق الإحياء ايها الإخوة الأعزاء نحن ندرك جميعا الواقعة التي سقط فيها الشهيد سيف علي سعيد وندرك ألطريقه الواضحة البشعة التي سقط فيه شهيدنا البطل ونحن اليوم في حضرة تعازينا بهذا الشهيد هذه الطريق يجب ان نقف إمامها بكل مسئولية هذا الغدر يجب ان نقف إمامة بكل مسئولية وعلينا ان نستخدم هذه الورقة استخدام سياسي وأنساني بشكل فاعل وعلينا الا نأخذ العملية بشكل تقديري ان كل شهيد يسقط نفتح له مخيم فقط وانأ أقول انها مسئولية كبيرة إمام كل الإخوة مشايخ وأعضاء مجلس محلي وأعضاء مجلس النواب ان تقوم بدورها وكل من يستطيع ان يقوم بدور فاعل علينا ان يعمل كل واحد من موقع عملة وعلينا ان نظهر وقاحة هذا الاحتلال وكيف يتعامل معنا كمواطنين علينا ان ننضم هذا المسالة تنظيم مسئول وعلينا ان نطرحها بان لا تنتهي في هذا المخيم فقط الطريقة البشعة تجعلنا ان نقف بمسئولية لتعريتها لاضهار بشاعتها وعلينا ان ندرك ان أرواح الناس ليست بهذا الرخص عندما اتى من اتى ليطلق النار على المواطنين داخل السوق بدون أي مبرر علينا ان نضع حد لمثل هذا التصرف الهمجي سكتنا وصمتنا كثير على كثير من الدماء التي سفكت ولكن عندما كان في إطار مواجهة المسيرات كنا نقول بان هذا ثمن النضال لكن عندما يتعدى هذا الى الاعتداء على الناس بدون أي مبرر فالمسالة يجب ان تأخذ بعدا اخر بالنسبة لنا ولكن علينا ان ندرك ان حتى هذا هو ثمن للنضال وثمن للقضية التي نريد الوصول اليها فانا اقو لان علينا مسئولية وعلى الإخوان في المجالس المحلية في المحافظة والمديرية مسئولية كبرى وان يعملوا مع الشخصيات الاجتماعية وان تنظم اللقاءات وتنظم كل العمليات التي ستؤدي الى إبراز هذه القضية بوجهها القبيح وتؤدي الى وضع يليق كبشر الى مواجهة الجرائم التي نتعرض لها لا أطيل عليكم أحييكم مرة أخرى واشكر الذين حضروا اليوم وحضروا أمس والذين سيحضرون غدا حتى يوارى جثمان الشهيد الى الثرى تغمد الله شهيدنا بواسع رحمته واسكنه فسيح جناته وان يشفي كل جرحانا ولن يفك اسر كل المعتقلين في سجون الاحتلال والنصر قادم ان شاء الله يطول الوقت ام يقصر سننال النصر ان شاء الله شكرا لكم والى اللقاء

الجمعة، 12 مارس 2010

أفـكار أوليـه في :

المجلس الوطني الأعلى لتحرير واستعادة دولة الجنوب المستقلة
أفـكار أوليـه في :
الحركــة الشعبيــة الجـنوبيـــة
الجزء الثاني

بسم الله الرحمن الرحيم
المجلس الوطني الأعلى لتحرير واستعادة دولة الجنوب المستقلة

أفـكار أوليـه في :
الحركـة الشعبيـة الجنوبيـة
الجزء الثاني
توطئـــــــــه : (( لا يعرف الحق بالرجال ،إنما اعرف الحق تعرف رجاله )) قول مأثور
ان غياب الوعي بشروط الثورة السلمية ، بما هي ثورة تحررية ، وسط الزخم الشعبي الجنوبي الجبار الذي سبق النخبة السياسية الجنوبية مانحا الحركة العفوية قدرة الفعل والتأثير فاغرى الكثير قبل الأوان على التفكير بالذات الفردية وبروز مرض العجب – الغرور – بالنفس ثم بدا التمفصل وسط الحركة الشعبية بين مواصلة السير في وسط الحماس العاطفي وعفوية الحركة وإبقاء قضيتنا دون تعريف واضح ومحدد ، وبين تحرر القضية من الغموض وتعدد التعاريف بتعريف واحد يحسم خيار شعب الجنوب وهدفه الاستراتيجي ، الأمر الذي أدى – منطقيا – إلى تعدد الرؤى وسط الحركة الشعبية مفضيا إلى تعدد الإفهام ، فكان لا بد من هذا التساؤل :
بماذا يقاس الموقف المخلص والصادق للفرد أو الجماعة ألمعينه , من قضية شعب الجنوب المتمثلة بالخلاص من الاحتلال والنضال من اجل تحرير الأرض والاستقلال واستعادة الدولة الوطنية الجنوبية وكامل سيادتها على ترابها الوطني؟؟
هل بموقفه الواضح من ماهيَة ألازمه التي أنتجها فشل مشروع } الوحدة { السياسية غير المدروس وتحوَله إلى احتلال لدولتنا من قبل ال ( ج.ع.ي ) . ؟؟
بمعنى أخر تبنيه هدف الاستقلال واستعادة دولة الجنوب ،واستعداده الطوعي للتضحية في سبيله وتأكيد ذلك في خطابه السياسي وفي انتمائه سياسيا إلى التجمع السياسي / التعبير الشعبي الذي حمل راية هذا الهدف بوضوح دون خوف أو مواربة ،إن لم يكن من المساهمين في بنائه ؟؟ !!
وبالتالي تطابق سلوكه النضالي ، بل مرتقيا مع وإلى مصاف الشروط والقيم الكفاحية التي يدعو إليها لتحقيق الهدف الكبير؟؟.
هل في الإجابة على هذا السؤال المتفرع يتم القياس ، فنيل الفرد السياسي أو التجمع السياسي الثقة الشعبية باعتباره واضح الموقف قولا وفعلا ؟
من منطلق أن التفتيش في ضمائر الناس فيقَيض الروح النضالية ولا يسهم في خلق وحدة مناضلين نذروا أنفسهم لهدف وطني نبيل ، تجمعهم آصرة اقوي وامتن من روابط القرابة والمصالح الذاتية هي آصرة الحق المشترك والمصير الواحد وصناعة تاريخ مشترك بالدم والألم ووحدة الإراده والسباق على التضحية والتقليل من دور وتضحية ال "أنا " الفردية بمقابل الإكبار من دور وتضحية الآخرين ، الذين يكوَن الفرد معهم الذات النضالية الواحدة (سواء كانت هذه الذات حركة تحرر شعبيه أو تنظيم سياسي تحرري ...الخ ) حيث تأخذ العلاقة الداخلية للذات الجماعية الكفاحية الموحدة صورة الجسد الواحد ، الكل فيه مسئول عن الكل ، بمعنى أن الفرد مسئول عن الكل ( الذات الجماعية ) والكل مسئول عن الفرد ( = العضو في الجسد) . الكل يشعر بمسؤوليته نحو ذاته الجماعية بما هي " أنا " الجماعة النضالية والحرص عليها سابق على الحرص عن ألـ " أنا " الفردية . والحفاظ على عضو من الجسم مسؤولية الجسم كله ، وعقله بالذات ( = هنا قيادته ) والعكس والفرد في سبيل الحفاظ على الجسم كله ، احد عوامل بقاء الذات النضالية الجماعية القادرة على بلوغ أهدافها القريبة والبعيدة بما أن ذلك شرط مركزي لمفهوم (وحدة بين مناضلين ) وان هشاشة هذه العلاقة في بنية الذات السياسية الشعبية الكفاحية تجعل من وحدة الهدف والمصير ضرب من الأحلام ليس إلا . أي إن ذلك من أهم شروط الذات الكفاحية القادرة على الفعل ( = شرط الضرورة ) أي مركز دائرة مطلب (التنظيم ) الذي يعنيه مفهوم " وحدة المناضلين " إضافة إلى وحدة الهدف الاستراتيجي وبرنامج سياسي مرحلي إضافة إلى قواعد كفاحية ملزمه لتنظيم العلاقات والمسؤوليات الفردية والجماعية بناء على طبيعة الصراع وإشكاله ووسائله التي يتبناها التنظيم المعين انطلاقا من رؤيته ألاستراتيجيه لخوض الصراع والتكتيك المرتبط بالهدف وأساليب النضال .
تبدو المسالة شديدة المثالية هذا صحيح من وجهة نظر التفاوت بين الإفراد في وعي ما اجتمعوا من اجله وفي مستوى إدراك شروط بلوغه وفي النزوعات والمطامح الشخصية المشروعة وغير المشروعة فضلا عن اختلاف النفسيات ، وفي قدرات الناس على تحمل المشاق ، وامتصاص الضربات والنكسات فالقلة هم الذين لا يجد اليأس إليهم طريقا وهم في اقسى وأحلك الظروف ، وينطبق عليهم القول ، بان المناضل منتج دائم للأمل . وهؤلا هم القادرون على قيادة الثورات إلى النصر ، كما تخبرنا التجربة الانسانيه في هذا المضمار . ولا شك إن تجربة الصراع المريرة ومخاطرها تهذب وتصقل مدارك وسلوك المناضلين ، كما تصلب قدراتهم لمواجهة الشدائد بحنكه وشجاعة تتعاظمان يوما بعد يوم .
الحركة الشعبية بين مبدأ التعدد وهم التَََََو حد
إلى أي مدى يصدق القول بان الحركة الشعبية الجنوبية بكل فصائلها المعلنة – بمعزل عن تفاوت أحجامها وفاعليتها – موحده في هدفها السياسي والاستراتيجي ، وبموقفها السياسي من القوى السياسية والاجتماعية الجنوبية الأخرى أي القبول بمبدأ التعدد والتنوع في الحاضر والمستقبل ... الخ ؟؟. إذا كان الأمر كذلك ، فالسؤال المنطقي الواجب علينا الرد عليه هو :
لماذا انقسمت الحركة الشعبية إلى أكثر من تيار / فصيل مستقل ؟ ومتى ؟ ومن ثم لماذا لم تسهم في توحيد الحركة الشعبية لا قبل ولا بعد التعدد ؟ " = نقصد وحدة الهدف الاستراتيجي وما يرتبط به " .
في البدء دعونا نعود قليلا إلى الوراء نراجع شيئا من الذاكرة ونتصفح بعقول تبحث عن مواطن الداء ، عن الأسباب التي قادت شعبا إلى هذا المصير اللا أنساني ، كي تضع يدها على الداء ومن ثم تحدد العلاج أو تتجنب السير في حقل الاوبئه " = العلل السياسية والاجتماعية والثقافية " التي أدت إلى خطر فقدان شعب الجنوب ليس لهويته ، بل والى تعرضه لخطر محو وجوده كشعب ساهم هو – وان بمستويات مختلفة – في صنع ماساته وتعالوا لنقرا احدث صفحة من ذاكرة شعب الجنوب ، الذي يتعرض لخطر تدمير ذاكرته والمتضمنة ما يلي :
1- لنقرأ صفحة سنوات الثورة ضد الاستعمار البريطاني , لا سيما صفحة القوى السياسية حينذاك . كم عدد الأحزاب السياسية إضافة إلى الجبهة القومية وجبهة التحرير ؟. أولم تكن ثمة رؤيتين سياسيتين حول طرد المستعمر ؟
طرف تبنى النضال السلمي من قبل إعلان ثورة 14 اكتو بر 1963 م المسلحة التي تبنتها الجبهة القومية كخيار وحيد . وانقسمت قوى خيار الثورة المسلحة إلى جبهتين – كما نعرف - وكانت النتائج كما نعلمها .
2- دور المسلمات الايدولوجية في الفكر القومي والمسلمات التاريخية الزائفة في قرار قادة الجبهة القومية الذي الحق إقليم الجنوب العربي السياسي , بإقليم سياسي أخر اليمن " = الجمهورية العربية اليمنية " ما مستوى العقلانية والموضوعية السياسية فيم حدث عشية استقلال " ج. ي . ج . ش " وفي 22/ 6 / 1969م " = ج . ي . د . ش" ؟؟
إلى أي مدى كان القراران صائبين ؟. هل كان للماضي ... للتاريخ الصحيح حضور ما عند اتخاذ القرار ؟ هل بني القرار على دراسة مستقبلية أم على مسلمة إيديولوجية استعلت على الواقع , أم لحسابات تخص أصحاب القرار ؟ وكما هو معروف تاريخيا فإن فكر الشعب الواحد واليمن الواحد , لم تطرح إلا في منتصف القرن العشرين , وتحديدا في بيان الاتحاد العمالي بـ " عدن " وذلك في 3 مارس 1956م , أما قبل ذلك , حتى لدى قادة حركة 1948م ضد الإمامة , فاليمن هو الممتد من قعطبة حتى صعده حسب الشاعر عبدا لله البرد وني .
3- دون الحاجة إلى ما أحدثته أزمة الهوية الوطنية في الجنوب - الدولة – في إلغاء الصفة العربية العامة والجنوبية خاصة , وتحريم ربط الأسماء الشخصية بهوية المكان الذي تمت تغطيته بهدف لم ينجح في اتخاذ الصراعات السياسية بعدا مناطقيا برغم طابعها السياسي العلوي" = داخل قيادة سلطة الحزب الواحد " وألان أليس السؤال مشروعا عمن كان المستفيد من فرض إلغاء اقتران الأسماء الشخصية باسم القبيلة أو بالمنطقة ؟ وها قد أثبتت التجربة أن الانتماء إلى فكرة ما , لم ولن تترسخ بقرار قسري وان الهوية وعلاقتها بالمكان لا تحول دون قيام مجتمع موحد ومتجانس ومتصالح في ظل دولة العدل والمواطنة المتساوية .
4- قرار الوحدة السياسية الاندماجية بين دولتي " ج . ي . د . ش " والــ " ج . ع . ي" في 22 مايو 1990م ما مدى عقلانية القرار وواقعيته ؟ . أم أنه بعد أن وقع الفأس في الرأس - كما يقولون – أكتشف الشعب المخدوع بأنه كان قرارا حماسيا , عاطفيا , متعجلا وغير مدروس , لم يراع حق شعب الجنوب كطرف رئيس , فيحميه باتفاقيات مشروطة في حال غدر الأخر به وإشهاد المنظمتين الرئيسيتين : الأمم المتحدة , والجامعة العربية على الاتفاقيات الدولية بين الدولتين وشروطها كاقل ما ينبغي أن تعمله قيادة سياسية تتحمل مسؤولية دولة ( شعب وارض وسيادة وطنية ) فبرغم تنازل قيادة "ج . ي . د . ش " عن رئاسة الدولة والعاصمة وعن وعن ... لم تحافظ على حقنا في التمثيل السياسي في مجلس النواب للحفاظ على التوازن السياسي لحق نص عليه إعلان الوحدة . ( لم يفصح احد عن الأسباب بعد) نقصد تقليص دوائر الجنوب ال56 دائرة انتخابية .
5- لم يتم الأخذ بقاعدة أن الوحدة مع الأخر تستلزم وحدة الذات وهو ما لم يتم التفكير به و و ... الخ فان تنشد وحدة بين شعبين , يلزمك أن توفر كل عوامل وأسباب وحدة شعبك ... ثم ما مدى وحدة وانسجام الذي ستتوحد معه ؟. ناهيك من أن تجمع مجتمع دولة مع شعب يعيش مرحلة ما قبل الدولة , الإشارات أعلاه أردنا باستعراضها السريع وخز الذاكرة ثم فرملة اندفاعنا القائم على الرغبة والعاطفة أكثر من الاتََكاء على العقل لاننا هكذا نهدر العقل , بوعي وبدونه – غالبا – ولا نعود إليه إلا حين توشك دورة العاطفة على الانتهاء , وتكون العودة إلى زوادة العقل أشبه بهروب المحاصر من زلزال مباغت فاللاعقلانية هنا تعني التعاطي مع اللحظة الزمنية - الحدث – وكأنها لحظة مستقلة عن الماضي مفصولة عن شبكة العلاقات الجدلية لأحداث ووقائع الزمن الحاضر " = زمنها الداخلي والخارجي".
وبتحرر من أسئلة المستقبل وعبئ الإجابة عنها لأنها عملية مقيدة لاندفاع العواطف وثقافة " اليوم خمر وغدا امر ". بمعنى أخر : اللاعقلانية واللاعلمية هما أن يتم النظر إلى النتيجة باستقلال تام عن الأسباب والمحركات الداخلية والمؤثرات الخارجية " = الموضوعية ". فمثلا : كثيرا ما نقرا ونسمع من يقولون أن فشل مشروع الوحدة اليمنية !![ يعود إلى شن " ج . ع . ي " الحرب على " ج . ي . د . ش " واحتلال أراضيها عام 1994م وبذلك تكون وحدة 22 مايو المشئوم قد انتهت ... الخ .
هنا – وفي هذا التفسير – يتم فصل الحدث " = الحرب " عن الأسباب والنزوع الداخلي للحدث ودوافعه السياسية والاقتصادية ... الخ . بما أن الحرب نتيجة لسبب بنيوي في مضمون المشروع أولا وفي المخيال السياسي لقوى الحرب ثانيا.هذه التي كشفت ممارساتها عن حضور فاعل لثقافة الغزو والغنيمة السبئية . وفضلا عن التناقض في بنية ثقافة الشعبين وأسلوب حياتهما وفي المصلحة ... الخ 0 ناهيك عن استحالة الجمع بين دولة مدنية مع مجتمع لا يعرف الدولة ويعيش مرحلة ما قبل الدولة بقرون , حيث لا زالت كل الأزمنة وصراعاتها قائمة من الرق إلى الرأسمالية (= تذكروا مأساة مئات الأسر في منطقة الجعاشن , وبيع العبيد في حجة , والحروب القبلية اليومية ..الخ ")
وما ليس هنا مكانه من أسباب كان لا بد أن تفضي إلى ما أفضت إليه ولذلك يقال أن " وحدة مايو" انتهت بحرب احتلال الجنوب في 7/7/1994م " = كنتيجة خاطئة لمقدمات خاطئة " نعم . فلو أن ثمة وحدة سياسية تمت ] وحدة [ بما تعنيه من اندماج وضمان المصالح المشتركة لطرفيها ... الخ. لما تحولت الفترة الانتقالية إلى حملة إرهاب فكري وسياسي وتصفوي استهدفت الجنوب وممثله السياسي "الاشتراكي" ولما انقسم الشعبان في انتخابات ابريل 1993م في نتائج تصويتهما كلا إلى جبهته السيادية والسياسية ومن ثم لن تحدث حرب احتلال الجنوب ولكن الوحدة لم تتم حتى يقال أنها انتهت , بيد أن إعلانها كمشروع , قد وفر لعقل القوة وثقافة الحرب السبئية إمكان تحريك المخيال السياسي لقوى الحرب , لتحقيق رغبة الانتقام من الخصم القديم وتدمير دولته والاستيلاء على أرضه وثرواته ولا شك أن الدراسة العلمية ستنقلنا إلى سؤال أخر هو : هل كان محتوم أن يتم الإعلان عن مشروع وحدة سياسية بين صنعاء وعدن , لتمكين الأولى من الهيمنة على الثانية ؟؟ بالعودة إلى قرار قوى استقلال الجنوب عشية الاستقلال وما تبعه عام 1969م وما ترتب عن ذلك من شعارات ومسلمات إيديولوجية كرستها سلطة الاستقلال في الوعي الاجتماعي الجنوبي , وطبيعة الحوارات ما بعد حرب 1972م و 1978م التي جرت حتى نوفمبر 1989م , تحت مسلمة " إعادة وحدة اليمن " وليس وحدة قطرين عربيين كبقية الأقطار العربية ... الخ . أن ذلك وما لم نذكره , يقولان , أن نعم . لان كل تلك المقدمات ليست صحيحة فأفضت عقلا ومنطقا , إلى نتيجة خاطئة , هي فاجعة الشعب الجنوبي الذي زيف وعيه وابتلع وهم المسلمات الإيديولوجية والتاريخية الزائفة , فأعطى كل شيء لصنعاء ليحظى بجزاء "سنمار" من رئيس الدولة إلى فراش في مؤسسة حكومية نهبت برغم انه يملك ثلثي الأرض و 85% من الثروة ويملك اكبر شريط بحري ( 2000كم) / غني بالثروات السمكية ويتمتع بالسيادة على واحد من أهم الممرات البحرية الإستراتيجية في العالم وعدد قليل من السكان فقد أعطى كل شيء ولم ياخذ شيئا وفوق ذلك عومل كفرع مفصول عن جذوره " عودة الفرع إلى الأصل " .
وللإجابة عن سؤال : لماذا تعددت قوى النضال السلمي في الجنوب ومتى ؟.
تعالوا نتساءل هل بمقدور شعب الجنوب, ولا سيما مجموع الحركة الشعبية , قواعد وقيادة أن يعترف بأنه كشعب : بإفراده وفئاته الاجتماعية وأطيافه السياسية , قد أسهم بنسبة 60 % من الهزيمة أن لم نقل أكثر لصالح " ج . ع . ي " ؟. سواء عبر مشاركة مباشرة في الحرب ضد أهله وناسه وأرضه , أو بخيانته أو بتخاذله أو بتعاونه , كطابور خامس أو بوقوفه متفرجا ...الخ .؟ فضلا عن غياب عامل التعبئة للحرب في الجنوب . وتأخر قرار فك الارتباط إلى 21 مايو 1994م بينما تمت التعبئة لجيش وشعب الـ "ج . ع . ي" وإقناعهما بأنهما سيخوضان حربا ضد الشيوعية وتحرير الجنوب من الكفار ليرفعوا شعار " حرب الردة والانفصال " بما هما مفهومان يجمعان بين الديني والسياسي في آن . وتأسيسا على ذلك , الم يكن الوعي بحقيقة ومضامين الحرب واحتلال الجنوب نحا منحى العلاقة الفردية والجمعية بأطراف المعركة ؟؟ .
- المشارك في الحرب اعتبر هزيمة شعبه نصرا له , أيضا . بمعزل عن نوع المشاركة فمثلا : ]طرف شعر بالنصر على الخصم السياسي الجنوبي متناسيا أن خصمه ليس كل الشعب , وطرف رأى في هزيمة الجنوب انتصارا لعقيدته الدينية بطابعها الإيديولوجي وثالث : تشفيا بقيادة الجنوب التي انتقلت إلى صنعاء دون أن تفكر بمصيره , وعادت لتطالبه بالدفاع عن الوطن ، بعدما غدت في نظره قيادة فاشلة سياسيا وفقدت ثقته وولاءه . ورابع : توهم بان الأمر سينتهي بحسم المعركة ، ولن تتعرض حقوقه للعدوان مسقطا تجربة الصراع السياسي في الجنوب على تلك الحرب . وخامس : في الشتات . لم يفق من الصدمة ، أو انتصر فيه الإحباط فعاد إلى صنعاء مسلما بالأمر الواقع . وسادس : وهم اسر الشهداء والجرحى ومن تبقى من المقاتلين والسياسيين ، الذين هزتهم الهزيمة ولكن القلة منهم هم من وعوا قضيتهم مبكرا . فكم استغرقت الشعب هذه الحال بين منتمي للنصر أو مناصر له آو قابل به ، أو متذمر أو مراقب آو معارض او صامت ؟؟ .
وخارج الشركاء في تحقيق هزيمة شعبهم ، كان التبرؤ من الهزيمة يتم بتحميل مسئوليتها أصحاب القرار ، وعلى غرار القول " الهزيمة يتيمة والنصر له ألف أب " وبرغم رحلة الألم والعناء وحدوث مالم يدر في خيال الجنوبيين المشارك في صنع فاجعة شعبه وغير المشارك ، ووصول غالبية الشعب إلى قناعه معجونه بالقهر والحرمان ... الخ إلى أن ثمة عائق ذاتي ، داء لم تبرا منه النخب " مجازا " أن ذلكم التعدد المتصارع الفهم والمواقف إزاء الاحتلال العسكري لدولتنا ونتائجه الكارثيه ، قد آسهم في :
1- الإبقاء على خارطة الصراع ألسياسيه ألجنوبيه – ألجنوبيه كما كانت قبل الاحتلال ، ولكن بصيغه مقلوبة هي تغيير الأدوار أي تبدَل الدور والمكانة بين شركاء نصر الاحتلال وضحايا هزيمة الغدر الجنوبيين ، زد إلى ظهور طرف جنوبي آخر إلى شركاء نصر الاحتلال ، هم شريحة الإسلام السياسي بطرفيها الجهادي والسياسي – أي تنظيم القاعدة كما عرف عنهم – والمنتمين سياسيا إلى حزب الإصلاح – اضافه إلى المنتمين للحزب الحاكم العسكري " المؤتمر الشعبي العام " .
2- تشكيل شريحة مصالح مرتبطة بالاحتلال " شركاء الاحتلال " ومن تعاونوا معه ما بعد الاحتلال ، سواء كانت المصالح سياسيه آو اقتصاديه آو البحث عن دور ولو كان مجرد عين أمنيه ، آو للحفاظ على وظيفة ما إداريه ، بعد ما أصبحت الوظيفة مسيسه بإطلاق .
3- تعدد أشكال المكاسب المرتبطة بالحرب ارتباطا باتجاه قواها ألسياسيه والايديولوجيه كمضاهر تطغي على الأهداف ألاستراتيجيه للاحتلال } مثلا قوى الإسلام السياسي جمعت بين تحصيل المكاسب ألسياسيه والايديولوجيه في الجنوب ، وفي الدستور الذي وقفت ضده عام 1990م ففرضت بالحرب تعديله . قوى الثأر السياسي : القوى المتضررة من إجراءات دولة الاستقلال ، التي ساهمت في صنع نصر للأخر ، واعتبرته سبيل استعادة الحقوق والمكانة واستعادة الدور وانتزاع الحقوق التي ترى أن الاشتراكي " قيادته " استولت عليها في زمن سابق . آما قادة الحرب وأمراء القبيلة : فإستراتيجيتهم اشمل وأعمق : هيمنه سياسيه واقتصاديه وطمس هوية ... الخ { .
4- آسهم في منح الاحتلال فرض أجندته بصوره مكشوفة، دون خوف من ردة فعل شعبي جنوبي ، معتمدا على إبقاء خارطة الانقسام بغلبة الموالاة المدعومة منه . وعلى نفسية القوى العسكرية القبلية التي لا ترى قوة أخرى في الشعوب غير قوة السلاح . وطالما السلاح انتزع من يديها فان تعويلها على العمل السياسي ضعيف غير مؤثر ، كما اعتقدت قوى الغزو والغنيمة ، التي سرحت جيش وامن دولة " ج.ي.د.ش " المهزومة دون تقدير للنتائج .
5- استمرار التأثير القمعي لخطاب التكفير الديني والسياسي ، إلى ما بعد عام 1997م تقريبا – باستثناء صوت الرفض في حضرموت الذي خرج من عنق الصدمة ، بقيادة المناضل حسن باعوم 1997ـــــ ابريل 1998م ثم يونيو 1998ـــ 2001م – حتم - اللجان الشعبية – في الضالع ثم في اغلب محافظات الجنوب 1999ـــ 2001م.
6- وقس على ما سلف موقف الجزء الأعظم من بسطاء الشعب البعيدين عن مربع السياسة والشؤون العامة هذه الحال لازمت الغالبية الشعبية الجنوبية حتى الحزب الاشتراكي لم يجرؤ على توصيف المضمون الحقيقي للحرب وكل ما فعله هو " إدانته للحرب وإدانته - لما اسماه - الانفصال" حيث ساوى بين الباطل والحق . وكرس وصف ( الحرب الأهلية ) مع بقية القوى السياسية الشمالية المعارضة لسلطة صنعاء ولم يتعدى تيار إصلاح مسار الوحدة في الاشتراكي العشرون عضوا في قيادة الاشتراكي من الجنوبيين برغم اتساع قاعدة هذا التيار في قواعد هذا الاشتراكي الجنوبية وخارجها خلال الفترة من 2001 – 2006م.
7- بمعنى آخر أن الموقف من الوضع المفروض قسرا على شعب الجنوب منذ عقد ونيَف , لا زال متعددا حتى اليوم . ولا يعني أن طغيان الصوت الراهن عن احتلال الجمهورية العربية اليمنية لدولتنا وأرضنا والذي يعطينا حق النضال من اجل التحرير واستعادة دولتنا المستقلة يعني أن كل قوى الحركة الشعبية قد حسمت التعريف وحددت الهدف بوضوح تام , عن قناعة وعي بجوهر قضية شعب الجنوب . إذ لا زالت المفاهيم والاصطلاحات السياسية في الخطابات السياسية الجنوبية غيرموحدة الدلالة فمثلا ]القضية الجنوبية[ : لقد غدت تأخذ معنى الهدف لدى البعض وليس حقا موضوعيا غير قابل للتقادم . والفارق كبير بين الأمرين . فمن يراها هدفا يجعل نفسه بطل إخراجها, وليس العكس بأن موضوعيتها هي التي أخرجت قواها النضالية , تنتصر لها , كحق , لا بد أن يستعاد عن طريق التحرير واستعادة الدولة الوطنية الجنوبية المستقلة , كما يرى طرف آخر – محقا – وثمة من لا زال ينهل من المفاهيم التي كانت من ضمن الأسباب التي قادت الجنوب شعبا ودولة إلى هذا المصير ألفجائعي .
8- لا زالت أزمة الهوية الجنوبية , التي استنهضها خطر الطمس , محل خلاف داخل الحركة الشعبية شبه المنظمة فثمة من يرى أن إعادة أزمة هويتنا , التي قادتنا إلى ما نحن عليه , إلى جذر المشكلة تشكل استهدافا لثورة 14 أكتوبر ولتاريخ الحزب الاشتراكي , وطرف أخر يرى ان تقوم ثورتنا السلمية على وعي بجذر قضيتنا السياسي والجيو – ثقافي مثل " التجمع الديمقراطي الجنوبي – تاج " . الأمر الذي خلق ساحة لجدل عقيم لم يميز بين مفهوم الدولة والنظام السياسي . أي بين ما هو ثابت وما هو متغير . فالدولة ليست النظام السياسي وحده . وإنما عنصر للسيادة أي بسط سيادة الدولة على الإقليم السياسي كله كشرط من شروط المفهوم السياسي للدولة , وما يرتبط به من تنظيم دستوري وقانوني ... الخ.
فالممانعة لدى الرافضين التصريح بجذر القضية الوطنية الجنوبية , يدافعون عن ممانعتهم بذريعة أن القائلين ( بالجنوب العربي ) يريدون إعادتنا إلى زمن ما قبل الاستقلال " 1967م" أي إلى سلطنات ومشيخات وإمارات " إلى النظام السياسي السابق للاستقلال ", كحجة للرفض تجد قبولا لدى جزء مهم من الشعب وداخل هذا الطرف يوجد من لا يمانع عن كشف جذر القضية , لكنه يرى أن التمسك بدولة "ج ي د ش " مبررا قانونيا من منطلق إنها الدولة التي اتحدت مع" ج ع ي " وإنها الدولة المعلنِة عند فك الارتباط في 21 / مايو / 1994م واستعادة ((ج.ي.د.)) بدون الشعبية من قبل قيادة الجنوب ذاتها التي اعلنت مع قيادة " ج ع ي " اعلان 22 مايو 1990م وعند نيل بلادنا استقلالها الثاني تطرح التسمية لاستفتاء شعبي .
إما المتمسك " بالجنوب العربي " فيرى أن " يمننة " الجنوب هي جذر قضيتنا , واستنادا إلى التاريخ فان الجنوب لم يرتبط ولم يتوحد قط مع " اليمن " وبالتالي فان بقاء اسم " اليمن " في مطلب الاستقلال غير منطقي وان العالم لا يرى حق الاستقلال لجزء من دوله واحدة , وان وجدت مشكلة ما فتحل في إطار الدولة ذاتها , لا الانفصال عنها . أي أن تميز الهوية السياسية والثقافية والجغرافية وحق السيادة ينبغي أن لا يرتبط بـ " اليمن " وإما النظام السياسي المتغير فلا بد أن يكون نظاما عصريا , في دولة ديمقراطية ... الخ .
باختصار : حجتهم تقوم على أن القول بـ" أننا من اليمن " فمنطقيا أن تحل قضيتنا في إطار دولة اليمن ال" ج . ي " وحتى المتمسكين باستعادة " ج ي د ش " يصبح مأخذهم على الطرف الأخر مأخذ عليهم . أي هل يعنون بأنهم سيستعيدون ألدوله ونظامها السياسي السابق لعام 1990م .؟ أذا كان الأمر كذلك فمن سيقبل به في الجنوب ، ناهيك عن الخارج ؟ وبالنتيجة لا نظام ما قبل الاستقلال ممكنا ولا قبول نظام ما قبل 1990م السياسي مقبولا أن لم يكن مستحيلا .
وبين المفهومين أعلاه ، يتم تجاوز (( ج.ي.د. )) التي تم استعادتها عند فك الارتباط بتاريخ 21/5/1994م وسقطت تحت الاحتلال في 7/7/1994م الأسود ، مما يجعل من المتمسك ب (( ج.ي.د.ش )) إلغاء لفك الارتباط ودولته المعلنة وإسقاطا لشرعياته السياسية والقانونية والأخلاقية !! وهذا التجاوز – سواء كان واعيا أو غير واعي - فانه يفسر الخطأ السياسي الفادح الذي يتراجع عن هدف التحرير واستعادة الدولة إلى هدف ((فك الارتباط )) أي بإعادتنا – بعد 15 عاما – إلى ما قبل 21 مايو 1990م . حيث أن مطلب ((فك الارتباط )) كمفهوم سياسي ، يعني أن [الوحدة ] – الوهم مازالت قائمة ، وهذا يسقط حقيقة الاحتلال العسكري لدولتنا ما بعد ((فك الارتباط )) وإذا كان شهدا ء وجرحى ثورتنا السلمية ، يقابلون رصاص قوى الاحتلال الهمجية ، وهم يهتفون (( برع برع يااستعمار )) فان التراجع إلى مطلب ((فك الارتباط )) يمثل تجاوزا للإرادة الشعبية ، واغتيالا لتضحيات الشعب . لان القول ب((فك الارتباط ))يعني إسقاطا لواقع الاحتلال ، بل لما هو أسوا من الاحتلال البريطاني وبذلك نقدم لسلطة الاحتلال برهان إثبات بان احتلالها ألتدميري ليس سوى (( وحدة )) باعتراف شعب الجنوب نفسه – للأسف .
ولا ننسى قوى المصالح الجنوبية ( مناصب – مقاولات صغيره – الخوف على المصالح كالتجار مثلا ) المرتبطة بالاحتلال التي ترى بان حل القضية الوطنية الجنوبية يجب أن تتم في إطار "الوحدة " المزعومة ؛ وهذه تسهم في قسط معين في خدمة الاحتلال ، من خلال التأثير على شخصيات سياسيه أو اجتماعيه وربط البعض بمصالح معينه لفرملة اندفاعهم حتى ينفصلوا عن الحركة الشعبية وليس ببعيد عنا ذلك واقرب مثل للآخرين عدد كبير من القادة العسكريين المسرحين الذين غادروا الشارع السياسي للأسباب المعروفة وتحييد البعض وتيئيس البسطاء ، فضلا عن الأفراد الذين ينجح " العطاء السياسي " في شراء ذممهم وفي أحسن الأحوال في شراء صمتهم . الفارق أن الأول يوظف في خدمة أجندة الاحتلال في الجنوب متى ما طلب منه ذلك ، أما الثاني فيلزم الصمت والحياد وهو أهون الشرين – وهذه هي الورقة الجديدة للاحتلال بعد ما تفككت تحالفاته السابقة ابتداء من عام 1997م . ( وبماذا تصف " جونجويد " الاحتلال الجنوبيين اليوم؟ ) .
إن ذلك التنوع ، بما هو احد ابرز حقائق المجتمع الإنساني وتأكيدا لسنة الله في خلقه لابد، من وجهة نظر سياسيه واقعيه ، أن يأخذ مكانه في خريطة القوى الاجتماعية الجنوبية عند النظر في مفهوم الوحدة والاختلاف ، داخل الذات الجنوبية عامه ، والحركة الشعبية بوجه خاص .
وان نمر عبر الحقائق التي طفت كمظاهر رفض آو مقاومه للاحتلال منذ 7/7/1994م الأسود . بمعزل عن الدور الذي لعبه هذا الشكل الكفاحي آو ذاك ومدى تأثيره السياسي في وقته ، بقدر ما تكمن أهميته في انه شكل من أشكال التعبير السياسي والشعبي المناهض للاحتلال العسكري ، باسم ما لم يكن " الوحدة" / الاسطوره من قبل شعب الجنوب ، الذي ينبغي أن يأخذ مكانه في سجل تاريخ شعب الجنوب الكفاحي المعاصر " إن الجنوب يصنع تاريخه بمواجهة تاريخ الأخر المغتصب" . أن العبور من دلالات وأبعاد وأشكال النضال التي ظهرت في الجنوب حتى 7/7/2007م سوف يساعد على فهم وإدراك حركة وسيرورة الحركة الشعبية الجنوبية الراهنة . ومن ثم لماذا أفضت إلى تعبيراتها السياسية – الشعبية ] = لا نستطيع أن نطلق عليها تنظيمات سياسية أو حركات سياسية تحررية , لأنها لم تنضج بعد وعجزت حتى اليوم من التحول إلى تنظيم [ ويمكن رصد أشكال الرفض الآتية :-
- الجبهة الوطنية للمعارضة ( موج ) في الخارج : لم تقدم فعلا سياسيا ملموسا فسقطت كما ولدت.
- مقاطعة الاشتراكي لانتخابات 1997م البرلمانية ، فرضتها اراده جنوبيه داخل قيادة الاشتراكي – يومذاك.
- حركة الاحتجاجات السلمية في حضرموت 1997- 1998م .
- ظهور حركة تقرير مصير الجنوب العربي ( حتم ) 1998 - 2001م .
- اللجان ألشعبيه التضامنية 1999 – 2001م .
- تيار إصلاح مسار الوحدة في الاشتراكي 2001 – 2006م .
- التجمع الديمقراطي الجنوبي ( تاج ) 2004م ولا زال تنظيما له خطابه السياسي المتميز المبني على هدفه المعلن .
- الحركة التصالحية ( التصالح والتسامح والتضامن الجنوبي - الجنوبي ) 2006م .
- جمعيات المتقاعدين العسكريين والأمنيين 2007- 2008م.
- جمعيات الشباب والمناضلين وملتقيات التصالح والتسامح في المحافظات .
إن كل شكل نضالي أدى دورا معينا في فترة ظهوره واستمراره وحمل الأهداف التي تتوافق مع ظروف مرحلته الزمكانيه ، باستثناء حركة (حتم ) ألمسلحه التي رفعت هدف تقرير مصير الجنوب العربي قبل غيرها من أشكال النضال والتعبيرات السياسية والشعبية الجنوبية . وهذا لا ينفي أن طلائع الرفض كانت تبني على أساس بلوغ هدف الاستقلال . ولا شك بان التأصيل النظري للقضية الوطنية الجنوبية ، وتحريك الشارع تحت لافتات مطلبية أو تضامنية أو احتجاجية ، كان لها دورا مهما في إحداث حركة أفقية في الوعي وفتحت الإمكان الفردي والجمعي للاسئله عما حدث ويحدث من ممارسات همجيه بحق الأرض والإنسان في وطننا المستباح ، وشرع جليد الخوف الذي حاصر الغالبية العظمى من الشعب يذوب يوما عن يوم وبمستويات مختلفة من فرد إلى أخر ومن منطقة إلى أخرى ، وفقا لحرارة المناخ السياسي الرافض الذي اخذ أشكالا حسية – ميدانيه للتعبير عن رفض ومقاومة إجراءات القمع والقهر والإذلال وجملة جرائم الفاتحين ( الأشقاء الغزاة ) .
وبرغم ما أحدثته كل أشكال النضال المذكورة أعلاه ، إلا أن ثمة حلقة مهمة كانت مفقودة في سلسلة كفاح شعب الجنوب هي حلقة توحيد الإرادة التي لم توفر وحدة المعاناة بدونها إمكان اكتمال سلسلة الوطن المجهد الكفاحية إلى أن كانت فكرة التصالح والتسامح والتضامن الجنوبي – الجنوبي التي بدأت من جمعية ردفان في " 13 يناير 2006م" ليستعيد بها النسيج الوطني الجنوبي لحمته الممزقة فيدرك موطن قوته وبالنتيجة يعي سبب ضعفه وما أوصله إلى ما هو عليه من ضياع واستلاب وهوان .
وإذ شكلت عملية التصالح والتسامح نقلة مهمة في بحث شعب الجنوب عن ذاته المستهدفة بالمحو من خريطة الوجود السياسي والجيو – ثقافي . فقد جاءت جمعيات المسرحين العسكريين والأمنيين لتقود هذا التحول النوعي في مسيرة الشعب الكفاحية ، لتحقق نهوضا شعبيا قويا ، وان عفويا قام على جسر التصالح والتسامح ليشمل كل الجنوب ، وتلتف حوله كل قوى الجنوب الحية .
ولعل ابرز محطات هذا التحول ، الذي أزعج قوى الاحتلال كانت أساسا في فعالية 7/7/2007م في ساحة العروض بعدن ، وفعالية 2 أغسطس 2007م ، وفعالية 1 سبتمبر 2007م في عدن وملحمة المنصة – ردفان في 13 أكتوبر ثم 14 أكتوبر 2007م وقبل ذلك مذبحة 10 سبتمبر 2007م في الضالع . ثم ما تلا ذلك من تعبيرات ومصادمات مع أجهزة الاحتلال العسكرية القمعية . } خلال الفترة حتى 30 نوفمبر 2007م ثم وبوضوح اكبر في 13 يناير 2008م كان الاندفاع الشعبي الغاضب بعفويته ، غير آبه بالخطاب السياسي ، أكثر من التعبير غير المنظم عن غضبه ورفضه لواقع مهين يزيد كل يوم سوءا . وهو ما تجلى بعدم التزام الجمهور – في كل مناسبة – للشعارات التي يطلب منه أن يرفعها { .
ولكي نقارب بالأحرى نجيب عن السؤال المركزي لهذه القراءة ، عن الأسباب التي أدت إلى تعدد المكونات السياسية للحركة الشعبية التحررية ينبغي ألا نتجاهل محطة من محطات النضال التي كان لها اثر مفصلي في تطورات الحركة الكفاحية . فلنأخذ فعالية 30 نوفمبر 2007م – في عدن . دعا لها مجلس تنسيق المتقاعدين الأعلى – نائب رئيس المجلس وقت كان فيه رئيس المجلس ناصر النوبة والمناضل حسن باعوم في السجن .
ما الجديد في الأمر ؟ دعت الأحزاب السياسية المعارضة في " عدن " إلى تشكيل لجنة تحضيرية من الأحزاب والجمعيات ... الخ لفعالية 30 نوفمبر 2007م ، بعد أن دعا لها مجلس تنسيق المتقاعدين، ففرضت نفسها كلجنة تحضيرية سيطرت على الفعالية وتبنت قيادتها وخطابها السياسي وبيانها ، ليطغى على بيان مجلس التنسيق الأعلى لجمعيات المتقاعدين ، ثم فعالية التصالح والتسامح في عدن 13 يناير 2008م . وحدث الشيء نفسه حيث قامت أحزاب المعارضة وجمعيات المتقاعدين العسكريين بالتقاطع مع دعوة هيئة ملتقيات التصالح والتسامح العليا بقادة المناضل حسن باعوم التي دعت إلى فعالية 13 يناير 2008م وشكلت لجنة تحضيرية للفعالية . وكانت النتيجة أن انزل بيانان إلى الفعالية . الأول : لهيئات التصالح والتسامح العليا تضمن تعريفا للقضية الجنوبية في أنها حق شعب الجنوب في النضال من اجل الاستقلال واستعادة دولته وسيادتها على كامل ترابها . بينما تم حذف هذه الفقرة من بيان الأحزاب والجمعيات والمستقلين وما يرتبط بها من مفاهيم وأبعاد سياسية تؤسس لمرحلة خطاب سياسي يقرر المضمون السياسي للقضية الوطنية الجنوبية .
إن من يتتبع ويعيش عن كثب هذه التطورات يستطيع أن يضع أصبع الحقيقة على أول مظهر للاختلاف ، أي أن الخلاف ظهر في نوفمبر 2007م ولاسيما في فعالية التصالح يناير 2008م .حيث تشكلت الأغلبية من الجمعيات والأحزاب بصورة واضحة ( أحزاب المشترك وجمعيات المسرحين المتقاعدين والمستقلين ) لقطع الطريق على هيئة التصالح والتسامح برئاسة المناضل حسن باعوم بطريقة أكدت مرحلة المفاصلة في الهدف أي أن ثمة معطى سياسي جديد ، وفد إلى وسط الحركة الشعبية العفوية المغتلية أملا وثورة ، ذلكم المعطى برز في انقياد قيادات جمعيات المتقاعدين العسكريين لترتيب جديد في الدور القيادي ، تسلمته قيادة الاشتراكي " عدن " وجمعت معها أحزاب المشترك والمستقلين ...الخ . ( بالتأكيد استمر الدور القيادي لجمعيات المتقاعدين في المحافظات ).
أي أن ثمة تطور غير منظور تشكل داخل الحركة الشعبية غير المنظمة التي قادتها جمعيات المتقاعدين العسكريين والأمنيين هذا التطور سرعان ما برز في تشكيل هيئات موحدة في مديريات ردفان ، ثم تتالت الدعوات إلى بناء هيئات موحدة للمحافظات والدعوة إلى هيئة وطنية عليا للحركة الشعبية الجنوبية ...وكانت الضالع أول محافظة أعلنت عن هيئة للحراك السلمي بعد فشل الحوار مع هيئة التصالح والتسامح وجمعية الشباب وذلك في ابريل 2008م .( بعد بدء حملة ابريل العسكرية على الجنوب2008 م ) .ثم توالى إعلان هيئات الحراك في المحافظات ، وتبع ذلك وحدة مطلب تلك الهيئات مع مطلب الحزب الاشتراكي وقيادات الخارج الجنوبية المتمثل بمطالبة السلطة – هكذا – الاعتراف بالقضية الجنوبية .. لم يتعارض مع هذا الخطاب غير هيئة ملتقى التصالح والتسامح – الضالع التي تمسكت بخطاب سياسي جريء بطرح مطلب الاستقلال واستعادة دولة الجنوب ملتزما الهدف الذي تضمنه بيان هيئات التصالح والتسامح لفعالية 13يناير 2008م للتصالح والتسامح – عدن – برئاسة المناضل حسن احمد باعوم الذي كان يقبع في زنازين الاحتلال مع عدد من المناضلين ( مارس – سبتمبر 2008م ) ومعها أطراف أخرى غير منظمة وأفراد في محافظات أخرى .
احتدم الجدل السياسي حول مفهوم " القضية الجنوبية " وهدف النضال النهائي لشعب الجنوب داخل الحركة الشعبية وخارجها ويمكن تقسيمه " أي الجدل" إلى مرحلتين :
المرحلة الأولى : نوفمبر 2007م وبالدقَََة يناير 2008م ـــ 31 أكتوبر 2008 م .
النهوض الشعبي الجنوبي الكبير لاسيما منذ 7/7/2007م فتح الأنظار على ما يدور في الجنوب ثاقبا بالونه المنتصرين . وقوبل هذا الزخم بتعدد المواقف وارتباكها داخل نخب الحكم والمعارضة السياسية في صنعاء ، وحتى لدى النخبة المثقفة من كتاب وصحفيين ... الخ . ( فهم من أطلق وصف حراك على حركة شعب الجنوب ) ، في البدء كان الهجوم قويا لدى غالبية الأطراف السياسية والإعلامية الرسمية والمستقلة والحزبية . ولكن ذلك الموقف المعادي ، بدأ يتفكك لصالح حركتنا ، إلى أن أصبحت " القضية الجنوبية " مدار اهتمام غير رسمي نظمت من اجلها الندوات والنقاشات ...الخ .
وفي الحصيلة ، اتضح – فعلا – أنها قضيه متعددة التعاريف ، تبعا لتعدد الخطاب من داخلها ومن خارجها وبالتالي تعدد المطالب ...الخ فكان الاختلاف في يناير 2008م على مضمون بيان الفعالية / يمثل حالة تمفصل داخل الحركة الشعبية برزت في نزول بيانين ، احدهما حدد الهدفالسياسي المتمثل بالاستقلال واستعادة الدولة الوطنية الجنوبية ، باعتباره الهدف المركزي للقضية الوطنية الجنوبية والأخر لا يرى ضرورة تحديد الهدف ، والتمسك بخطاب معتدل حتى لا يستفز الشعب في (الشمال) ...الخ من الحجج . وجاءت حملة ابريل 2008م لتفرض حصارها وإرهابها والزج بقيادات مهمة في زنازين الأمن القومي يصنعاء ومطاردة المئات ...الخ . ويتواصل الاختلاف في فهم القضية حتى أعلنت هيئة الحراك في الضالع ومثلها في بقية المحافظات ليستقر خطابها – كغالبية – عدا ملتقى التصالح والتسامح في الضالع – على مطالبة السلطة – نصا - ( على السلطة الاعتراف بالقضية الجنوبية ) كل هيئات الحراك في محافظات الجنوب ، عدا محافظة حضرموت التي لم تشكل هيئه إلا بعد خروج باعوم من السجن ، وهيئة عدن التي التزمت خطاب الاستقلال إلى جانب هيئة التصالح والتسامح في الضالع . ظلت قضيتنا خاضعة لأكثر من تعريف وأكثر من خطاب ومطلب . مما جعل كتبة السلطة يقيمون ثورتنا الشعبية ، بان أصحابها لا يعرفون ماذا يريدون ، ولذلك هم اعجز من أن يتحملَوا مسؤولية من يقودونهم وإيصالهم إلى هدف واضح .
التفاصيل عن هذه المسألة – لمن يحب الاطلاع – سيجدها في المادة السياسية المعممة التي انزلها المجلس الوطني الأعلى تحت عنوان (( الجنوب المحتل ومخاطر تعدد الخطاب)) .
لذلك كان السؤال المركزي المشروع هو / ماهي القضية الوطنية الجنوبية ؟ وما الهدف المنشود من رفعها ؟ .
المرحلة الثانية : أكتوبر 2008م ــــ ابريل 2009 م .
فشل الاحتلال في تحقيق هدفه بضرب الحركة الشعبية برغم إعلانه حربا عسكرية صريحة ضد شعب الجنوب المتمسك بخيار النضال السلمي ، فشل إرهاب ألدوله الرسمي " فرض الحصار العسكري على المدن الجنوبية ، وإعلان الطوارئ فيها ، والاعتقالات الهمجية لقيادات ومناضلي الجنوب السياسيين ، ومطاردة الآخرين واستخدام القوة المفرطة ضد المحتجين سلميا ...الخ " ولم تؤد المحاكمات الصورية أمام المحكمة الاستثنائية غرضها ، بل بالعكس خدمت الثورة الجنوبية . كما إن حملة الإرهاب – كحرب شاملة على الجنوب – قدمت القضية الوطنية الجنوبية للعالم أكثر فأكثر – إعلاميا على الأقل – وكلما نعلم ( حرب ابريل - سبتمبر 2008م ) . الأمر الذي فرض على سلطة الاحتلال أن تفرج على أسرى الجنوب في سجونها وأبرزهم أولئك الذين تم نقلهم إلى سجن الأمن الوطني/ القومي بصنعاء وذلك في سبتمبر 2008م بعد أن امضوا ستة أشهر في أغلالهم وفي زنازين انفرادية تفتقر إلى أدنى حقوق الأسير ، بل ولا المعتقل السياسي . وهم المناضلون : حسن باعوم وعلي منصر محمد ويحيى غالب الشعيبي واحمد عمر بن فريد وحسين زيد بن يحيى وعلي هيثم الغريب وناجي العربي وآخرون .
في مهرجان 14 أكتوبر 2008م الذي نظم في ردفان الثورة ، وحضره ابرز قادة الحراك ولا سيما المفرج عنهم من زنازين صنعاء ( اختتم ببيان فعالية 14 أكتوبر 2008م بنص يقرر هدف نضال شعب الجنوب " وهدفنا الأساسي " هو اعتراف السلطة بالقضية الجنوبية وفقا لقراري مجلس الأمن 924 ، 931 ) وهو ما يعني استمرار هيئات الحراك تمسكها بالخطاب السياسي الملتقي نصا وروحا مع احزاب اللقاء المشترك ومع بعض القيادات الجنوبية النازحة في هذه المناسبة تواصل الحوار حول مطلب توحيد الحركة الشعبية في هيئة وطنية عليا وكان ثمة مبالغة في تقدير وتصوير العائق حيث صور الاختلاف في الهدف السياسي بين هيئة ملتقى التصالح والتسامح وهيئة الحراك في الضالع ، بأنه خلاف شخصي ، لا خلاف سياسي – رؤيوي حول مفهوم القضية الوطنية الجنوبية والهدف السياسي الاستراتيجي .
كانت الشخصنة وما زالت ، إحدى صور الإجهاض السري لكل تشكَل سياسي – معرفي – مقاوم يسعى للتحرر من غلِ العاطفة ومهاوي ثقافة التبرير هذه التي تختار السبل السهلة فتوقع أصحابها في شرك التسطيح هذا المفسر المجاني لمعادلات التلفيقية الذاتية ، بأحكام الرضى المرضي عن الذات . أي أن الأمر يتعلق بجدلية العلاقة السالبة بين العاطفة الرغبوبة وحقائق الواقع الذاتية والموضوعية فلكي يتيسر للحماسي الهروب من المواجهة القوية مع حقائق الصراع الجوهرية يقوم بتفسير الأمور كما يرغب أو يعتقد ، ليسقط عن ذاته مسؤولية البحث والتحليل الواقعيين من جهة ، وللهروب من دفع ثمن الموقف السياسي الواضح ، من جهة ثانية .
وأسهل الطرق أن يتم تعليق إشكالية ما إلى مشجب التبسيط المختلق ، أي المفسَرة من خارج مضامينها والمحددات الداخلية التي أظهرتها إلى السطح كإشكالية تنتظم جملة مشاكل بحاجة إلى وعي جدلياتها ...الخ . بمعنى آخر تجري عملية إسقاط للتقديرات الذاتية المستندة إلى الرغبة على الخلافات التي تطفو على السطح ، فتصف المشكلة كما تود لا كما هي أي من خارجها وليس من داخلها وقد كان انقسام الضالع خلف مشروعين سياسيين يتجلَيان في مضمون الخطاب السياسي لكليهما منذ يناير 2008م . ان المبالغة في تصوير الخلاف في الضالع كان الوسيلة المثلى للتملص من مبادرة المناضل " حسن باعوم " في دعوته إلى وحدة الحركة الشعبية بعد خروجه من المعتقل وذلك ما تجلى بيسر وبزمن قصير جدا ( رفض دعوة " باعوم " من قبل هيئات الحراك رغم كل الجهود التي بذلها ) ومن معه
وإذ استجابت قيادة ملتقى التصالح والتسامح في الضالع لكل مبادرات التوحيد – يومئذ- مشترطة هدف الاستقلال واستعادة الدولة وقضايا ذات صلة بالهدف كوحدة الخطاب السياسي ، كوثيقة ملزمة يتم التوقيع عليها من قبل الطرفين ، لكن الطرف الأخر ماطل وتهرب " هيئة الحراك " ولم يلتزم ما وعد به المناضل " باعوم "شخصيا ، إلا أن المواقف لم تتبدل والآراء لم تتغير إزاء جوهر التباين . وهو ما يعني بان مطلب تجاوز أمراض الماضي وعلَاته ، ليس سوى شعار لدى البعض يرتدي حلة مطالب الحاضر ، بينما جلَ القيادات السابقة والشابة التي ترفع الشعارات تتنفس برئة الماضي نافثة ادراتها دماء الثورة معطلة تبلور مضامينها وقيمها الفكرية الجديدة ، معكرة المناخ الجديد الذي أنتجه الاحتلال فاسهم في تحرير الوعي الجنوبي من أوهام الوحدة وأساطير التاريخ الزائف ، ومن أمراض ماضي الجنوب وصراعاته القاتلة وهو ما قاد إلى عملية التصالح والتسامح الجنوبي – الجنوبي ، ابتداء من لقاء 13 يناير 2006م في جمعية ردفان بعدن ، لتقوم سلطة الاحتلال بإغلاقها قسرا – كما نعرف .
عموما ... محاولة استغلال مصداقية " باعوم " ونقاوة سريرته ، بالاستحواذ على كاريزميته لم تفلح أمام صلابة " باعوم" المعهودة ،وتمسكه بهدف التحرير واستعادة دولة الجنوب المستقلة . فما كان من المناضل " باعوم " والمؤمنين بالهدف ذاته ، إلا أن يتوجه بدعوة للجميع لحضور لقاء تشاوري ، لم يحضره غير المؤمنين بالهدف ومقاطعة " هيئات الحراك "في المحافظات باستثناء هيئة عدن وهيئة حضرموت التي يرأسها " باعوم " وهيئة التصالح والتسامح في الضالع ، وأفراد بصفاتهم الشخصية .
فتم الإعلان عن ميلاد المجلس الوطني برئاسة " باعوم " وأعلن المجلس في بيان سياسي هدفه الكفاحي الذي ارتبط باسم " المجلس الوطني الأعلى لتحرير واستعادة دولة الجنوب المستقلة مجسدا احد شروط الحركات التحررية أي ربط الهدف السياسي بالاسم وذلك" في 31 أكتوبر 2008م وبرغم أن البيان اكد على قيادة مؤقتة للمجلس بهدف لمَ شمل الجميع ، إلا أن موقف هيئات الحراك لم يتزحزح بل تحول إلى هجوم ضد المجلس ورئيسه ، بلغ حد وصف المجلس بالتطرف الذي يخدم سلطة الاحتلال وارتكاب حماقة سياسية بإعلانه هدف النضال من اجل التحرير واستعادة دولة الجنوب المستقلة بهدف النيل من المجلس الوطني ومن كاريزما المناضل " حسن احمد باعوم" ...الخ . بيد أن هدف المجلس السياسي الذي عبر عن إرادة الشعب ، كان تعبير كذلك ليس عن جرأة المتبنين له يومئذ وحسب بل وعن إيمان واعي لديهم بصحة ما أقدموا عليه من حيث :
1-ـ وجود الحاضن الشعبي للهدف ، القادر على حمايته ، أي نضوج أهم عوامل الحفاظ على الهدف والدفاع عنه ، بعد أن بلغت القناعة لدى غالبية شعب الجنوب بان لا تعايش مع قوى وثقافة الاحتلال ، وان الخلاص فقط بالاستقلال السياسي غير المنقوص أي استعادة دولته وسيادتها على كامل ترابها .
2- إن الوقت قد حان لتحرير القضية الجنوبية من تعدد التعاريف وتعدد المطالب وما يصاحب ذلك من خطابات سياسية متعددة حتى غدت القضية بذلك مادة للسخرية من قبل أعدائها ، وحتى من محايدين لتبدو الحركة الشعبية حركة فوضوية ، تجهل ما تريد ولا تملك إمكانية تحديد هدفها وكان ذلك تقدير سليم ( = إعلان الهدف ) أدى ثماره بوقت قصير ، وقد تجلَى ذلك في :
ا – إن الوضوح في الهدف ، سوف يجد التفافا شعبيا واسعا وهو ما حصل بالفعل وبفترة زمنية قياسية .
ب – قطع الطريق على كل المشاريع السياسية ما دون الاستقلال واستعادة الدولة الوطنية الجنوبية . ج – توصيف صريح للواقع المفروض على دولة شعب الجنوب منذ " 7/7 " بأنه واقع احتلال عسكري بدائي صرف لايمت إلى الوحدة بصلة . وهو ما حرك الجمود في الشارع الجنوبي السياسي ، وأنتج الأسئلة المباشرة عن الهدف السياسي بنظر القوى الأخرى ولا سيما " هيئات الحراك " التي تشكلت قبل المجلس الوطني بثمانية أشهر .
وبما أن الحركة الشعبية عند ميلاد المجلس الوطني– لا تملك كيانا سياسيا موحدا لاسيما في الداخل ، فان المجلس الوطني مثل الإطارالموحد القيادة ، الذي أنجز في فترة زمنية وجيزة ، برغم كل العوائق التي نصبت له
1- بناء فروعه في المحافظات والمديريات وصولا إلى القرى والأحياء السكنية " مراكز الشهداء " ( وهي تسمية هدفت إلى إعادة الاعتبار لشهداء الجنوب الذين كانوا ضمن أهداف طمس الهوية ومحو الوجود ) .
2- انزل مشروع برنامج سياسي ، اتسم بالوضوح التام في الهدف وفي جملة القضايا ذات الصلة بمرحلة النضال وبمرحلة الاستقلال وإعادة بناء الدولة وما بعد ذلك وحدد ملامح ماهية الدولة ... الخ . في وقت لم يجرؤ أي طرف سياسي على إيضاح هدفه فينزل برنامجه السياسي أو رؤيته السياسية عن ماهية القضية الوطنية الجنوبية وعن طبيعة الصراع وبالتالي تقديم توصيف واضح للوضع اللا إنساني المفروض على شعب الجنوب منذ " 7/7 " الأسود .
3- التزم خطابا سياسيا وإعلاميا يعكس الهدف السياسي المعلن ويجسد الوثيقة البرنامجية السياسية التي حددت رؤية المجلس لماهية الصراع ووسائله ... الخ .
وإذ كان مبرر " هيئات الحراك " عن عدم الاستجابة لدعوة المناضل " باعوم " والانضمام إلى المجلس الوطني بان إعلان المجلس كان متسرعا ومتطرفا إضافة إلى عدم وجود رؤية سياسية للمجلس الوطني ،وإذا كان بيان إعلان المجلس جلي الوضوح في الهدف السياسي وفي دعوته للحوار مع كل ألوان الطيف السياسي الجنوبي ، وتأكيده على أن إعلان رئاسة المناضل " باعوم " للمجلس إعلانا مؤقتا ، إلا أن إخواننا في قيادة هيئات الحراك أنكروا مساعي " باعوم " السابقة وتجاهلوا نصوص البيان الأول وما تلاه من بيانات وركزوا دعاياتهم وسط قواعدهم ضد المجلس ، محتجين بمفهوم " التحرير " بأنه ضرب من الهوس والتطرف ،فبماذا سيتم التحرير طالما والنضال سلميا ؟ - بنظرهم - ثم أن هذا المفهوم يمنح السلطة شرعية ضرب الحركة الشعبية عسكريا ... الخ .
لكنهم إذ يقبلون بهدف النضال من اجل استعادة دولة الجنوب المستقلة ، لم يتداركوا تناقضهم المثير ، فيتساءلون كذلك ، بماذا سيستعيدون دولة الجنوب المستقلة وخيار النضال سلميا أيضا ؟ .وكأن استعادة الدولة الجنوبية المستقلة سيتم بدون تحريرها من الاحتلال !! وكانوا مع الاستقلال واستعادة الدولة الجنوبية في الخطاب ألشفاهي غير الرسمي ، ويبررون خلو خطابهم السياسي من الهدف والاكتفاء بمطالبة السلطة الاعتراف بالقضية الجنوبية ، بالتكتيك السياسي وبلوغ الهدف بالتدرج ، من منطلق أن ألإعلان الصريح عن هدف الاستقلال ، سيستفز الشعب في الشمال وسيلتف حول السلطة ضد الجنوب ...الخ من الذرائع مثل أن قبول سلطة صنعاء ب " الفيدرالية " يمثل مكسبا للجنوب ، يسهم في تعجيل انتقاله إلى الاستقلال ، بتجاهل مفزع لمخاطر مترتبات الحوار مع سلطة الاحتلال حول شكل النظام السياسي ،بمنء عن حرب احتلال الجنوب ونتائجها اللا شرعية بطابعها ألتدميري ( أنزل المجلس الوطني تعميما حول مخاطر تعدد الخطابات السياسية والحوار مع الاحتلال دون سقف الاستقلال بمعية مشروع البرنامج السياسي مطلع يناير 2009م ، يمكن الاطلاع على جملة المخاطر بهذا الشأن في تلك المادة المعممة على فروع المجلس الوطني وقواعده ، وهي عبارة عن وثيقة نظرية تحليلية شخصت جمله من القضايا السياسية ذات الصلة بماهية الصراع ومخاطر التسطيح واللا حسم ومع ظهور مشروع الحل تحت الاحتلال مجددا فان ما ورد في ذلك التعميم يكتسب أهمية كبيرة لتنوير الشارع فلا بد من العودة إليه ...الخ).
الدور المغيب للمجلس الوطني الأعلى لتحرير واستعادة دولة الجنوب المستقلة
إن المجلس الوطني إذ تعرض منذ إعلانه لحملة سياسية وإعلامية كبيرة ، ليس من قبل سلطة الاحتلال وحسب ، بل ومن أطراف سياسية في المعارضة السياسية وهو أمر متوقع – بالضرورة – لكنه أيضا عانى حملة تشهير اخطر من قبل بعض القوى السياسية والشعبية الجنوبية لا سيما من أطراف قوى النضال السلمي الجنوبي كما المحنا إلى شي من ذلك أعلاه . وعومل كخطر محدق بالقضية الوطنية الجنوبية ، الأمر الذي ضرب حوله طوق التعتيم الإعلامي ، حتى من قبل وسائل النشر المقروءة المتعاطفة والمتعاونة مع حركة النضال السلمي ولم يسلم المجلس من " الاشتراكي " حيث استهدف عبر حملة إعلامية موجهة ضد شخص المناضل " حسن باعوم " على صفحات صحيفة الثوري . وبرغم ذلك كله ، فان خطوته الجريئة تلك قد أكسبته ثقة جماهير الاستقلال ، ولا سيما عندما استطاع أن يقرن هدفه المعلن بمشروع برنامج سياسي واضح ، حضي بقبول شعبي واسع ، حتى لدى شريحة واسعة من غير المنتمين إلى صفوفه ولان من حدد اتجاه سيره ، غير ذاك الذي لم يحسم خط رحلته الكفاحية ، فان المجلس الوطني قد لعب دورا مهما في التطورات التي حدثت عقب الإعلان عن نفسه وأهمها :
1- ظهور مشاريع رؤى سياسية أبرزها رؤية الهيئة الوطنية للاستقلال كما قاد إلى حسم التردد لدى هيئات الحراك لعقد مؤتمرها في مارس من العام الحالي لانتخاب قيادة موحدة . وهو مكسب للحركة الشعبية ، ما كان له أن يتم لولا التغيير الذي أحدثه المجلس الوطني في بنية الحركة الشعبية العفوية على الصعيدين التنظيمي والفكر السياسي . فتنظيميا تمكن مجلسنا بوقت قصير من بناء إطار تنظيمي موحد القيادة كما سلف ونجح بتقديم نفسه كحامل لفكر سياسي واضح الأهداف الراهنة والمستقبلية على طريق تحوله إلى حامل سياسي للقضية الوطنية الجنوبية ، كتنظيم وليس إطارا شعبيا يضم في صفوفه أو يتوحد مع كل قوى الاستقلال الجنوبية في الداخل والخارج ، لولا المصاعب التي اعترضنه كما المحنا إليها في هذه القراءة . وبرغم توحد " هيئات الحراك " في حركة " نجاح " إلا أنها لم تكمل شرط وحدتها ، كتنظيم / أو حركة شعبية كفاحية لتأجيلها الشرط السياسي – النظري " = الرؤية السياسية " إلى أكتوبر 2009م ، كدليل على أن حسم الهدف السياسي لديها لم يكتمل تبلوره في إطارها بعد وكل ذلك لم يصمد شهرين حتى انتقلت نجاح بلا قرار مبرر إلى مجلس قيادة الثورة وبدون رؤية سياسية أيضا . أي أن هيئات الحراك أجادت تغيير وتبديل مسماها ليس إلا.
ويبقى المجلس الوطني الفصيل المتميز في الداخل ، " وتاج " في الخارج اللذين حددا هدفيهما السياسيين بوضوح مشفوعين ببرنامجيين سياسيين وخطاب سياسي ملتزم الهدف المعلن وشروطه .
2- تحر ير القضية الوطنية الجنوبية من الغموض وتعدد التعاريف والتفسيرات والمطالب ، ومن مخاطر هذا التعدد في الخطاب السياسي المربك لجمهور الثورة هذا الدور الذي يحسب للمجلس الوطني – من وجهتي نظر السياسة والتاريخ – ويجري تغييبه بوعي من قبل المستمرين على موقفهم السلبي من المجلس الوطني ، والذين ما برحوا يعملون على تفكيكه أو إذابته أو ضرب حضوره ، برغم انتقالهم غير المعلل لا تنظيميا ولا نظريا إلى القبول بهدف التحرير والاستقلال واستعادة دولة الجنوب اللا أنهم يضيفون إلى هذه المفاهيم الثلاثة – مؤخرا – مفهوم فك الارتباط وهو ما يفسر حالة استرضاء كل الأطراف ، وليس بناء على حسم الخيار السياسي والهدف الاستراتيجي ، او كمجاراة للإرادة الشعبية الغالبة أو نزولا عند مطلبها من جهة ولما يرضي اطرافا اخرى من خارج هذه الارادة واللا كيف يتم جمع كل المفاهيم على هذا (( التحرير والاستقلال واستعادة الدولة وفك الارتباط )) في جملة واحدة ؟ هكذا قبل الجميع ظاهريا بهدف المجلس الوطني حتى أولئك الذين اتخذوا منه سببا لمهاجمة المجلس والعمل على عرقلة توسع قاعدته الشعبية ، لكنهم لم يبرروا ولم يفسروا أسباب قبولهم بالهدف بين عشية وضحاها ، " لاسيما حركة نجاح " التي جعلت من الهدف عند إعلانه مبررا أخر لشن حملة التشهير ضد المجلس الوطني .؟؟ !! ومن ثم انسحابها من الحوار – كما سنوضح ذلك لاحقا – وهذا الإجماع هوى ما سعى وما برح المجلس الوطني يناضل من اجله ، ويعتبره مكسبا للثورة لتقريب اجل النصر وتقليل الخسائر – بإذن الله تعالى ــ .
المجلس الوطني : بين مطرقة الهدم وسندان التوحيد
إن تجربة شعب الجنوب منذ احتلاله في 7/7/1994م إذا ما أخضعت للدراسة والتحليل الواقعيين – وحتى لمن عاشها عن كثب ، كمشارك أو مراقب ، طوال 15 سنة من القهر والكفاح / النهوض والانكسار ، لوجد أن ثمة سمتان هما الأبرز وسمتا هذه التجربة ، وما برحتا تلازمانها حتى اليوم ، هما :
السمة الأولى: حيوية شعب الجنوب ، وعدم إذعانه للقهر والإذلال ، وعدم قبوله المبكر بشرعية القوة / الاحتلال - مع الإقرار بتفاوت نسبة الموقف المقاوم من منطقة إلى أخرى ومن شريحة إلى شريحة أخرى للأسباب التي اوضحناها في بداية هذه الدراسة المتواضعة – ولا شك بان طلائع الشعوب من أحرارها هم الذين يتحملون أعباء إيقاضها ورسم معالم ووسائل كفاحها للخلاص من مستعمريها المحليين أو من غزاتها الخارجيين .
وللإنصاف فان أداة التعبير السياسية للرفض المقاوم في الجنوب ، ولا سيما في السنوات الأولى التي أعقبت الاحتلال وهي مرحلة انقسام شعب الجنوب تحت غيبوبتين : قسم وقع تحت تأثير مخدر النصر الزائف على ذاته ( أهله وناسه ووطنه) وقسم واقع في غيبوبة صدمة الهزيمة العسكرية ، عاش جزء كبير من هذا يستجر أسباب الهزيمة لتبرير الذات الفردية أو لإدانة الأخر وتحميله المسؤولية الكاملة لاسيما صناع القرار . في هذه المرحلة الشاهدة على زهو المنتصرين المتعالي غرورا واستكبارا ، وعلى تواري مذهول للمهزومين وسط الصدع النفسي الجماعي وخلف الجرح المفتوح لخناجر الفتح والغزو والعدوان على الأرض والإنسان والتاريخ في الجنوب – ألدوله ، المستباح والمباح للسلب والنهب والفيد ...الخ الدولة الغنيمة ( غنيمة بحجم دولة ، حسب د ابو بكر السقاف ) .
في لج هذا اللامعقول ، الذي نجازف فنطلق عليه مرحلة اليتم السوسيو – سياسي في الجنوب ، الدولة المباحة : لم يكن أمام الجنوبيين غير " الاشتراكي" كمضلة سياسية ، يستطيعون تحتها أن يعبروا عن أنفسهم – للأسباب المعروفة طبعا – فكان الموقف السياسي الذي فرض على الحزب الاشتراكي عام 1997م بمقاطعة الانتخابات كان جنوبيا بامتياز . أي أن له دلالته السياسية الواضحة ، رفض انتخابات الاحتلال ( = كان الخطاب يومئذ يسميها انتخابات الحرب ) .
فتِحت مظلة " الاشتراكي " قاد المناضل باعوم نضال حضرموت السلمي 1997-- 1998 م ...الخ وكان لأعضاء " الاشتراكي " دورا متميزا في قيادة أشكال الرفض المختلفة في الجنوب ، لا سيما في مرحلة الشراكة الوهمية في نصر 7/7 حتى2007م وكما يسهمون في ألبنا يشاركون في عملية الهدم .
السمة الثانية : ( سمة الهدم) :- وهي سمة بارزة في كل مراحل تجربة النضال ، بإشكالها المختلفة ، منذ عام 1997م إن حيوية الجنوبيين ، إذ تشير إلى موروث ثقافي محرض على عدم التنازل عن حق الحرية وعزة الإنسان وكرامته ، كوجه إنساني مشرق ، فان هذا الإشراق الايجابي المتجلي في ثقافة المقاومة للظلم والعدوان ، تنقصه روح الإيثار بتغليب ال" أنا " الفردية على ال" أنا " الجماعية ، باعتبار الأخيرة قوة تنتظم الكل من اجل المجموع والفرد . هذه الصفة في سلبيتها الهدامة ، تجد تعبيرها في خط الانحراف الذي يحدث في سيرورة الشراكة بين المساهمين في صنع الهدف / الفعل وهو انحراف واعي محكوم بنزعة شخصا نية مرضية ، مكابرة ، تدخل في صراع مع الذات الجماعية ، وتنسى الأخر ، العدو المشترك ، فتتوهم إثبات الذات الفردية / الجماعية من خلال هدم البناء الذي كان يضم الذات الجمعية مع إدراكه بأن ذاته الفردية والجماعية لن تتأكد إلا من خلال ما قام بهدمه ، وهو هدم يخدم الأخر – العدو ويقويه ، لتبدأ رحلة البحث من نقطة الصفر عما يعبر عن الذات الفردية والجماعية المغيبة قسرا ،كما هو حالنا ، كشعب مستهدف ليس بطمس الهوية و حسب ، بل وبمحو وجوده ، باقتلاعه من أرضه .
فمثلا : تجربة حضرموت الريادية في النضال السلمي 1997 – 1998 م . إن تلك التجربة التي قادها المناضل " باعوم "ما كان لها أن تسقط ، بالأحرى تتوقف ،إن لم يشارك جزء من أبناء حضرموت وفي منظمة الاشتراكي تحديدا ، في تدمير زخم الرفض الحضرمي ، خدمة لطرف معين في قيادة الحزب الاشتراكي ، استهدفت " باعوم" لضرب النموذج الكفاحي الجنوبي الذي أبدعه .وكذلك اللجان الشعبية التضامنية ،لقد أسهم الاشتراكيون داخل هذه اللجان في تدميرها ، بإيعاز من مركز الاشتراكي الرافض لها علنابزعم انها تعمل لتكون البديل له وكثير من المحاولات المخلصة لخلق شكل كفاحي منظم يسهم جزء من المعول عليهم في البناء في خلق أسباب الهدم قبل البناء آو بعده ولعل اظهر هذه السجية النفسية المعيقة للجهود المخلصة في بناء تنظيم وطني جنوبي كفاحي برزت كذلك – ضد المجلس الوطني الأعلى لتحرير واستعادة دولة الجنوب المستقلة ، بدءا بعملية اختراقه عبر عناصر ساهمت في إعلانه لتأخذ مواقع قيادية فيه ، سرعان ما انحرفت عن خط المجلس العام وتتفرد في رسم اتجاهات تحالفاته وتستغل مواقعها لتنظم أتباعا لها لا مناضلين في صفوف المجلس ناهيك عن حملة التشهير التي تعرض لها وما برح من مختلف ألوان الطيف السياسي الجنوبي ، ناهيك عن الأحزاب السياسية المعارضة – للأسف .
وإذ صمد المجلس في وجه الحملة من بعض أصحاب القضية ناهيك عن الاحتلال وتجاوز التعتيم الإعلامي ، كانت مبادرة ردفان للحوار وكدعوة قلق ايجابي وان كانت مرتجلة ، فرضت أمرا واقعا إلا أنها أفضت إلى نتيجة طيبة أخرجت المجلس الوطني – لدى القاعدة الشعبية على الأقل – من دائرة المتهم بشق الصف الوطني الجنوبي وذلك بعد شهر ونيف من الحوار بين المكونات الأربع للحركة الشعبية ، الذي انسحبت منه حركة نجاح وأفضى إلى إعلان الجبهة الوطنية المتحدة " اتحاد جبهوي " . لثلاث قوى بعد انسحاب حركة نجاح النهائي من الحوار . لكن معوَل الهدم كان جاهزا ، فبدلا من إتمام الجهد السياسي العقلاني الضامن لتوحيد مستمر وناجح عبر حوار توافقي تم الالتفاف على الجبهة الوطنية المتحدة ، بإعلان زنجبار عن " مجلس قيادة الثورة " وهو بيان تمخض عن اتفاق لم يعرف حتى ألان من هو صاحب الدعوة له وكيف تم الاتفاق على قيادة موحدة خلال جلسة قات ؟ في الوقت الذي يؤكد فيه بعض من حضروا اللقاء ، بأنهم ذهبوا ولا يعلمون شيئا عن موضوع الدعوةولا سيما من نصبوا انفسهم ممثلين للمجلس الوطني وهم ليسوا كذلك او تحولوا الى اداة لتدمير كيانهم . وها أن المنسحبين من الحوار قبل إعلان زنجبار ، غدوا بعد هذا الإعلان يتفردون بكل شيء ، فحولوا المجلس المعلن عنه إلى ملكية خاصة بهم وباسمه يصدرون التحذيرات والوعيد لمن يخالفهم ، فارضين وصايتهم على الآخرين بيدِهم الأمر والنهي وما على باقي القوى إلا الإذعان والطاعة
هذا السلوك عزز المخاوف ، وخلق علامات الاستفهام عن أسبابه وأهدافه ..لان من يسعى إلى التوحيد - حقا - يحرص أكثر من غيره على توفير عوامل الثقة ومد الجسور مع الآخرين ، والاستماع إلى وجهات نظرهم ، والقبول بمبدأ الحوار المسئول والشفاف ، وليس فرض الأمر الواقع عليهم باستغلال عواطف وحماس الجماهير نحو وحدة الحركة الشعبية الجنوبية ، لاصطياد الغير في مياه النوايا العكرة / المخاتلة . ولهدف تسجيل نقاط تفوق على المختلف معهم في الرأي ، لغاية غير بريئة تضعف الجميع . إن تفكيك المجلس الوطني عبر عناصر الاختراق وعبر إرضاء العناصر الأقل وعيا من قياداته اجلى بصورة مؤسفة الهدف غير المعلن من " الكلفتة " التي تمت في منزل الشيخ طارق ألفضلي . السؤال هو لمصلحة من نسف البنى الصحيحة وقيادة قوى الثورة الجنوبية إلى مربع الفوضى والتنافر ؟؟ . .
ابرز تداعيات وتجليات إعلان زنجبار إن من ابرز تداعيات وتجليات إعلان زنجبار كما برزت في الضالع بشكل خاص وهي :
1- التفرد بإصدار البيانات ( الدعوات للاحتجاجات وغير ذلك باسم قيادة مجلس الثورة في المحافظة والمديريات دون أدنى اعتبار للقوى الفاعلة الأخرى ، ولاسيما المجلس الوطني الأعلى .
2- الترويج الدعائي والإعلامي عن وحدة اندماجية بين قوى الحركة الشعبية بينما تجري في الواقع ممارسات تنسف جسور التقارب ، وتخلق علامات استفهام خلف مؤشرات الخطر ، التي تفرق ولا توحد
3- استغلال تحفظات المجلس الوطني – بالذات – من الارتجالية والقرارات غير المدروسة ، كمادة للنيل من مواقفه بتصويرها تصويرا أحاديا مشوها ، أي رفض الوحدة الجنوبية ، دون مناقشة مضامين تحفظاته المنطلقة من حرصه على توفير ضمانات توحيد مستمر ، متماسك ، ينجح في أداء وظيفته الكفاحية ، باعتباره أداة قوة وليس غاية بحد ذاتها .
4- وبرغم أن " هيئة الاستقلال " لم تشترك منذ البدء في إعلان زنجبار وبرغم تحفظات ومقترحات المجلس الوطني لإنضاج الفكرة وعدم اشتراك اتحاد شباب الجنوب إلا أن ذلك لم يؤخذ بالاعتبار ، فتم الإعلان عن تسمية قيادة مجلس الثورة دون العودة إلى رئيس المجلس الوطني ولا إلى رئيس هيئة الاستقلال ، بطريقه استباقية غير مسئوله، لفرض أمر واقع ، كما توهم السائرون في هذه الفوضى السياسية ، ولو أن فرض الآمر الواقع أمر ممكن ، لما تفجرت ثورة الجنوب السلمية بوجه الاحتلال .
5- التمادي في ذلك السلوك السياسي غير المسئول ، كان لابد له أن يتوقف ، بفرملة اندفاعه المربك فاضطر المجلس الوطني ابتداء من فرعه في الضالع ، وصولا إلى تصريح نائب رئيس المجلس وتلاهقرارات هيئة رئاسة المجلس الوطني الأعلى بتاريخ 27/6/2009م لتحديد موقف واضح إزاء عملية هدم البنى السياسية القائمة بذريعة وحدة قوى الثورة الجنوبية وإن قادت – إن تمت – إلى الغرق في رمال الهشاشة وفوضى العفوية والارتجال السياسي للقرار .
6- استخدام عناصر الاختراق في المجلس الوطني لإضعاف موقفه في الوسط الشعبي ولا سيما لدى قواعده ، هذه التي أثبتت وعيا سياسيا عاليا ، مثَل الحصانة القوية للمجلس الوطني ، وتفوقت عمليا في انضباطها الكفاحي الواعي ، الكثير من القياديين الذين انساقوا بحماس عاطفي ، ليسهموا في تحقيق هدف تدمير المجلس الوطني الأعلى بمجرد أن وجدوا وعدا او إشباعا بترتيب أوضاعهم ، ليديروا ظهورهم للمؤسسة الكفاحية التي ما كانوا شيئا بدونها أي المجلس الوطني ..
7- إن واحدة من معطيات الخطر ، التي روج لها ، حاملوا هراوة التوحيد بأي ثمن ، لا سيما في الضالع ، هي التعالي – غير المحسوب – بدور الضالع ، حيث جرى تكريس فكرة أن ما سيتم في الضالع سيفرض نفسه على كل محافظات الجنوب ، ولذلك فلتبدأ عملية التوحد الاندماجي في الضالع تحت – ما لم يكن بعد – مجلس قيادة الثورة .. إن هذا الإفراط بتضخيم الذات الجزئية ، في إطار الذات الوطنية الجنوبية العامة ، هو احد مظاهر الإعاقة الذاتية المنتمية إلى الماضي بتجربته المريرة ،وقصر نظر سياسي له مخاطره في الحاضر وعلى المستقبل الذي ننشده متحررا من كل عوائق الماضي الثقافية والأمراض السياسية ، وهذا البعد ألنضري ما دون الوطني ، تصدت له قيادات وقواعد المجلس الوطني ، كاشفة بنيته الماضوية وتلفيقيته السياسية ( من المعطيات الأكثر بروزا لذلك المجلس : بيان نعي الشهيد " توفيق الجعدي " الذي نص على وفاته ليمنح سلطة الاحتلال صك براءة من اغتياله ؟ ) .
8- لم تكتفي أطراف إعلان زنجبار ، بقيادة حركة نجاح والشيخ طارق الفضلي ، بما أقدمت عليه ، وواجه ردود أفعال مغايرة ، وداعية إلى إيقاف الممارسات الغير مسئولة ، وانما واصلت تفردها بإعلان 2/7/2009م الذي تضمن استكمال قيادة مجلس قيادة الثورة ، بقائمة الأمانة العامة والناطق الرسمي ...الخ . وهو فعل يبرهن على :
أ- عدم براءة إعلان زنجبار ، وانه كان ضمن تدبير تم في ليل ، لتدمير البناء الصحيح الذي قام على حوار جاد مسئول وشفاف وتمخض عن الجبهة الوطنية المتحدة . فكان الهدف تدمير هذه الأخيرة لصالح العفوية والتفرد لطرف على كل الأطراف.
ب – إن حركة النضال السلمي " نجاح " انتقلت إلى شكل جديد للحفاظ على وجودها ، الذي أوشك بعد خروجها من حوار قوى الحركة الشعبية الجنوبية أن ينهار ، لتصبح هي " مجلس قيادة الثورة " مستفيدة من عناصر الاختراق في المجلس الوطني ، الذين ساهموا في إحداث هذه الفوضى السياسية وسط الحركة الشعبية في الداخل والخارج .
9- إن الطريقة غير المسئولة التي تم فيها إعلان زنجبار وأفضت تداعياته إلى ما عرفنا أعلاه ، فرضت على المناضل الأخ احمد عمر بن فريد ، تقديم مبادرة سياسية أخذت ب " الجبهة الوطنية المتحدة " كصيغة جبهوية ناجحة تشترك فيها كل قوى الثورة الجنوبية في الداخل والخارج ( اتحاد جبهوي) يضمن التعدد راهنا ومستقبلا ... الخ . وهو أمر يقرر صواب مواقف المجلس الوطني منذ بادر لقطع طرق التردد والمداهنات السياسية غير المثمرة ، ليحرر القضية الوطنية الجنوبية ، ويعلن هدف التحرير واستعادة الدولة الجنوبية المستقلة ، فيقطع الطريق – كذلك – عن كل المشاريع السياسية ما دون حق الاستقلال واستعادة الدولة ، وسيعمل اليوم مع كل مناضلي الجنوب المخلصين على تحرير حركتنا الشعبية من العفوية وامتطاء صهوة الحماس والعاطفة وهي مهمة تحتاج إلى جهود الجميع .
10 - عودة الخطاب السياسي الشمولي الصريح الى الحضور (( ان مجلس قيادة الثورة هو الممثل الشرعي الوحيد للحراك في محافظة الضالع ومديرياتها ولا احد سواه )). ثقافة الاقصاء والالعاء او ( م . ق . ث . ) الحامل ... ؟.
11 – الكذب والتضليل الاعلامي .. يستكمل .
12 - فرض توحيد قسري غير مدروس ، بضم والحاق بقية القوى وفق مشيئة طرف واحد .
13 - الاعلان عن موت وانصهار وذوبان القوى الاخرى ، وبالتالي عدم الاعتراف بالمكونات الاخرى والاكتفاء بالعمل مع اشخاص من المكونات ورفض الهيئات .
14 – شن حملة دعائية وتشهيرية اقل ما يقال عنها بانها غير مسؤلة ، ضد قيادات المجلس الوطني وكل حملة الراي المستقل .
15 – التقاطع مع فعاليات وانشطة القوى الاخرى ، لخلق احتكاك لم يقدروا نتائجه ، كما حدث مع المجلس الوطني في الضالع 20 رمضان ومع الشباب بردفان .
16 – السعي لتمزيق اتحاد شباب الجنوب ، ببناء كيان موازي له ومن داخله ، دون شعور بالخجل على الاقل
17 - وأخيرا تحويل مبدأ التعدد والتنوع إلى عامل خوف في وعي الحركة الشعبية ، وهو ما يتناقض مع الخطاب السياسي المعلن لبعض القوى ، فهذه إذ تشترط الوحدة الاندماجية / قبل أي حوار توافقي ، تضع العربة أمام الحصان ،سادة أفق التلاقي للجلوس على طاولة حوار سياسي جاد – شفاف ومسئول – وهذا الشرط غير القابل لنقاش بنظر أصحابه ويقرا على النحو التالي :
أ – قطع الطريق إمام القوى الأخرى الملتزمة مبدأ الحوار التوافقي غير المشروط . والاشتراط المسبق – وبهذه الصيغة – إنما يجلي بوضوح تام نزوع الاستبداد بالرأي ، وهو نزوع له مخاطره السياسية على حاضر الثورة ، كعائق ذاتي على ثورة الجنوب السلمية ، ناهيك عن دوره في إعادة إنتاج صراع الماضي حينما يتحول إلى سلطة استبداد سياسي .
ب - الامتناع الواعي عن المساهمة في تأسيس ثقافة التعدد والتنوع ، والمشاركة – عن قناعة – في تعلم فن إدارة الاختلاف سلميا وديمقراطيا ، في مرحلة اللا سلطة " = زمن الثورة " . لتمهيد أرضية خصبة لمستقبل دولة تشرع لثقافة سياسية تعددية ، تنتفي فيها كل أشكال الإقصاء وتجريم الرأي وتحفظ حق الخصوصيات ، وتحوَِل التنوع إلى ثراء مادي وثقافي ... الخ . ضمن منظومة سياسية وقانونية تحمي الحقوق الخاصة والعامة ، وتؤمن علاقات اجتماعية تقوم على المصلحة المشتركة في مجتمع دولة المواطنة وليس دولة الرعايا " الرعية ... الخ " .
ج – إن ألإصرار على " وحدة إندماجية " لقوى الثورة السلمية ، يرسم خلفه جملة علامات استفهام ، من قبيل : لماذا هذا الشكل التوحيدي دون غيره ؟؟ لماذا لا يتم الحوار حول الهدف والأسس الملزمة لكل الأطراف ، وصياغة رؤية سياسية " برنامج سياسي " ... الخ قبل الحديث عن مشكل التوحيد الأنجع لقوى الثورة للنهوض بمهمة التحرير واستعادة دولة الجنوب المستقلة ؟ . ومن الأهمية بمكان التساؤل :
ما الشكل التوحيدي الأكثر نجاعة في توحيد إرادة شعب الجنوب من جهة ، والقادر على حفظ مبدأ التعدد والتنوع في الحاضر والمستقبل من جهة أخرى ؟ .
إن هذه التساؤلات ، تعطي أصحابها شرعية التخوف من تلغيم هذا المطلب بهدف غير معلن ، انطلاقا من :
1 – أن ليس من حق طرف واحد أن يفرض شروطه على أطراف النضال الوطني الأخرى .
2 – إن الحوار على أساس التوافق يمثلان مصداقية وقناعة كل الأطراف في التحرر من عقل الشمولية الفكرية والسياسية .
3 – إن الإصرار على وحدة اندماجية ، قبل الوصول إلى توافق حول قضايا الخلاف ، هو سبيل ممهد لتفجير الجميع ، بمجرد تمترس طرف في قلب الواحد ، وهذا خطر ظاهر لا يقبل به غير الساعي إليه .
4 - ان الاندماج لكل المكونات في كيان واحد ، وان بطريقة مدروسة مستوفية الشروط المطلوبة – ناهيك
عن التوحيد الارتجالي وبعقلية الاقصاء – سوف يقضي على الممارسة النقدية وحوار الرؤى المتباينة والحرص على التمييز ، وتعزز القوة الجماهيرية نهوض الفكر الشمولي الكامن بقوة أكثر مما برز اليوم لدى (( مجلس قيادة الثورة )) وسيدافع الكل حتى على الخطأ او يتحول الخلاف الى تاكل ذاتي وهذا الخاطر يوفر التوحيد الجبهوي امكانية تحاشيها .
5 - وإذا ما تمت وحدة اندماجية لمجموع القوى القائمة الفاعلة ، ونجحت في أداء مهمة التحرير وصولا إلى الاستقلال ، فإنها ستشكل القوة السياسية الغالبة القادرة على الإمساك بالسلطة وتحويلها تدريجيا إلى حكم شمولي ،نظرا لغياب القوى السياسية القادرة على انجاز مبدأ التداول السلمي للسلطة .
6 – ولذلك يرى المعترضون على الوحدة الاندماجية ، حتى المدروسة منها ناهيك عن الارتجالية بان " الوحدة الجبهوية " هي الأكثر نجاعة وضمانة لحاضر الثورة ومستقبل نضال شعب الجنوب من حيث :
أ - إنها توفر عامل القيادة الموحدة ،في ضل استقلالية القوى الموحدة في نشاطها السياسي والتنظيمي الداخلي وتوفر – كذلك – امكانية اندماج مكونين او اكثر في مرحلة ما بين مسيرة الوحدة الجبهوية بعدما تاكدت حقيقة وحدتهما غير المبررة لا سياسيا ولا اتنظيميا ولا اجتماعيا .
ب – إن الوحدة الجبهوبة ، تحفظ مبدأ التعدد والتنوع في إطار الوحدة ، وتوفر عوامل القوة الكفاحي للثورة وتضمن نظام حكم تعددي بعد الاستقلال ،ولا سيما بعد مرحلة إعادة بناء الدولة " المرحلة الانتقالية " .
ج – في حال أن طرفا ما من أطراف التوحيد الجبهوي تخلى عن هدف الإطار الجبهوي الموحد فلن يؤثر على الثورة تأثيرا يودي بها إلى التراجع أو النكوص المدمر ، كما سيكون في حال التوحيد الاندماجي .
فهل تملك أطراف اشتراط الوحدة الاندماجية مبررات سياسية تملك قوة البرهان الشرط ألقسري هذا ؟ . إن القفز من شكل كفاحي إلى أخر ، ومن هدف / مطلب سياسي إلى أخر ، من دون أي تبرير نظري/ أو تقييم منهجي – واقعي لدواعي الانتقال ، وليس القفز ، من محطة إلى أخرى ( نعني تقييم المرحلة السابقة قبل الانتقال إلى المرحلة الجديدة ) إن ذلك سلوك يعكس الخواء الفكري لدى القوى السياسية غير المنظمة ، أي المعتمدة على الشعاراتية والعفوية الممتطية العاطفة والحماسة الهادرة . وقد برز اليوم ، داخل الحركة الشعبية ، لدى بعض القوى الجوالة الأسماء والمطالب والأهداف السياسية ، تلك التي لم تستطيع أن تقر ركنها الفكري – السياسي " رؤيتها السياسية " كركن رئيس في كل بناء تنظيمي سياسي ناهيك عن أن يكون تنظيما كفاحيا تحرريا . مثل هذه القوى المتحركة في اللا محدود وغير المتعين فكريا ، لا تمت إلى مفهوم الثورة بصلة بقدر ما تمتطي غضب الشعب وثورته ضد الاحتلال ألاقتلاعي ، وتدغدغ عواطفه بما يشبع حماسه ، وليس بما ينبغي عليه أن يفعله ليتمكن حقا من خوض الصراع بوعي وإدراك شروطه ووسائله ، ومتطلباته التنظيمية والسياسية والفكرية . وعوامله الذاتية والموضوعية الداخلية والخارجية ، فأن تتحدث عن ثورة دون الإفصاح عن هدفها الاستراتيجي ، فأنت أشبه بمن يسير إلى جهة غير معلومة . وإذ يغيب الهدف النهائي ، يغدو زعم التكتيك ضرب من الطلاسم لان رسم / صياغة مراحل النضال تستلزم وضوح الهدف ، هذا الأخير الذي يتحدد على أساس وعي وإدراك ماهية الصراع ومضامينه السياسية والثقافية والقانونية والأخلاقية .
أي أن غياب الهدف السياسي الاستراتيجي يفسر فقدان الوعي بماهية الصراع ، أو الهروب من التشخيص الواقعي للصراع إلى الغموض والسيولة والهلامية ، الأمر الذي يجعل من زعم التكتيك السياسي ،ليس اكثر من مغالطة للذات ، ان لم يكن ممارسة للتضليل السياسي لجماهير الثورة ، التي – عادة – ما توكل مهمة إدارة الصراع مع العدو إلى قياداتها ، وتستمرى في الغالب " = الجماهير" التحرك العفوي الذي يشبع حماسها ويتسع لعواطفها ، أكثر من استجابتها للتنظيم وتحمَل أعباء المشاركة في مسئولية صنع القرار وما يترتب عنه من انتصارات وانكسارات ،من مكاسب آو خسائر .. فبرغم أن الجماهير هي صانعة الحدث المعين ، إلا أنها تهب النجاح كله – إن تم – للقائد / القيادة ، فتضفي عليه / عليها هالة من القوة والدهاء والتميُز لتحضي بمكانة فوق النقد والمراجعة وهذا هو سبيل صنع الديكتاتوريات وكذلك تحمل قياداتها الفشل كله ، من كونها – القيادة – قد منحت صلاحية الأمر والنهي والوصاية بالتفكير والتخطيط ...الخ .
وعندما تواجه رأيا مخالفا ، لا تعبا به وتردد بان القيادة اعلم بما تعمل – هذا لدى الجزء الغالب من الجمهورالحي – ناهيك عن الخامل – الذي يستجيب لما لا يقيد نزوعه إلى العفوية والحماس ، أكثر من استجابته لما يعقلن عاطفته ، وينظم حركته بقواعد انضباطية كفاحية تسهم في تمتين وتصليب بني الذات الكفاحية المنظمة التي تمثل مركز دائرة شروط الثورة التحررية في كل زمان ومكان وهو الأمر الذي يفسر جانبا مهما من حالة القبول الجماعي ب" إهدار العقل" ، بما هي حالة ثقافية وتاريخية يتعايش معها الإنسان العربي ، ملتمسا من صنميه الثقافة " مبرر الاستكانة والخضوع وإقالة العقل عن وظيفته والاستعاضة عنه بالنفاق والطاعة العمياء هذه الحقيقة التاريخية ، بما هي حالة إنسانية سالبة ، تجد ما يضفي عليها وجها ايجابيا من داخل العقيدة الدينية كأساس ، ناهيك عن العقل ألذرائعي المحرض على إعادة إنتاج عوامل القابلية الذاتية بالاستبداد ( = العبودية الاختيارية )
إن أي ثورة لا تحدث قطيعة ايبستمولوجية " معرفية " وليس قطيعة عدمية – طبعا – وإن إلى مستوى معين – على الأقل – ليس مع الأسباب التي قامت الثورة للخلاص منها ومن نتائجها وحسب ، بل مع كل مدرات استباحة العقل وإهدار أدمية الإنسان ، الثقافية والسياسية والاقتصادية والقيم الاجتماعية الكابحة " = المعادية لقيم العصر الإنسانية والعلمية ... الخ " التي تقدس الماضي ،وتقاتل ليتصدر حاضر المجتمع ومستقبله فهي ليست ثوره وإنما صراع بين قوى المصالح ، كحالة مغالبة ، تفضي إلى تبدل الأدوار بين قوى الثقافة السياسية ذاتها ، ولا تعود على الشعوب بمنفعة ما ، بقدر ما تسهم – الشعوب – بإعادة إنتاج أوضاعها السابقة لصالح طاغية / مستبد جديد : فرد أو حزب أو أسرة أو قبيلة ...الخ . تحت يافطة الشرعية الثورية ، أو غيرها من الشرعيات الزائفة التي تختلق ما يبرر الطغيان مثل مسالخ الحرية المسماة ثوابت وطنية مقدسة ...الخ . فأين ثورة شعب الجنوب السلمية – مفتوحة الخيارات – التحررية الثانية من احتلال الأشقاء الغزاة ، الاسوء من الاحتلال البريطاني من أسئلة الحاضر ألفجائعي حول الماضي وحول المستقبل ؟؟ . أن ثقافة الانتقاص من أهمية التأصيل النظري الفكري للثورة ، تمثل احد أسباب هيمنة العفوية وردود الفعل في حركة الرفض الجنوبية منذ الاحتلال ، كانت ولا زالت عائق ذاتي أخر في طريق تنامي وتطور ثقافة المقاومة في الوعي الجماعي بحيث يتمكن " الوعي المقاوم " من القيام بعملية الربط الجدلي بين كل أشكال المقاومة الشعبية والسياسية والفكرية ، كعملية متنامية ...متواصلة وليست حلقات منفصلة عن بعضها اللاحقة تنهي السابقة في الوعي والممارسة معا .. أي أن ثقافة المقاومة لم تأخذ مسارها السليم ، كفكر تواصلي فاعل في الوعي . وهو ما تجلى في حالات ألبنا ء على هدم بناء سابق .
فـــكر الثــورة الســـلميــــة الـوطنيــة الجنــوبيـــة
ليس المقصود - هنا – فكرة الثورة ، لان القضية الوطنية الجنوبية هي قضية دولة " ارض وشعب وسيادة " تحت الاحتلال فهي قضية موضوعية غير قابلة للتقادم ، قادرة على خلق قواها إن عاجلا أو أجلا ، اي أن الثورة الشعبية أكدت حضورها وحسب وإنما المقصود هو فكر الثورة ... فالثورة – أية ثورة – لابد لها من فكر ينظمها في الوعي / ويرسم خطوط حركتها في الحاضر ويحدد افقها المستقبلي ، وبما ان الفكر هو جملة الآراء والأفكار التي يعبر بواسطتها هذا الشعب أو ذاك عن مشاكله وتطلعاته عن مثله الأخلاقية والمذهبية وطموحاته السياسية والاجتماعية ويؤطر عدالتها ويحدد معالم ومرتكزات شرعيتها ويعضَد قوة الحق بواقعية البراهين التي ينتظمها فكر الثورة ، الذي يجيب عن أسئلة الحاضر بالعودة العقلانية – الواقعية إلى حقائق الماضي وتفكيكها وإعادة تركيبها ، لفهم الحاضر والتأسيس للمستقبل بوعي متحرر من مفاهيم الماضي يستحيل معه التطلع الى عودة ألما قبل ليحل محل ألما بعد " حسب المفكر محمد عابد الجابري ".
وفي حال ثورتنا السلمية الراهنة ، كشعب حتِم عليه أن يخوض معركة وجود بمواجهة قوى الغزو الحاملة لثقافة التدمير الشامل للأخر ، فارضة على شعب الجنوب المغدور به أن ينهض من تحت دمار القوانين الداروينية ، دفاعا عن حقه في البقاء ، فإنها بأمس الحاجة إلى نتاج فكري نقدي تفكيكي يعيد بنا الوعي وبما يساعد على أن يقف على شيفرة الماضي القريب والبعيد التي قادت شعب الجنوب إلى هذا المصير اللا أنساني ، المهدد بخطر اقتلاعه من جذوره ، ومحو وجوده ، لا لشيى إلا انه قبل ذات قرار أيدلوجي الخلفيات والأبعاد ، أن يهزم هويته الجغرافية "الجنوب العربي " وينتصر لهوية " اليمن " الجهة وليس الهوية السياسية والجيو – ثقافية والتاريخية ومن ثم يقدم دولة بكل مقوماتها أرضا وثروة لوهم " القدر والمصير " ليقاد بالغدر والعدوان قربانا لآلهة الغنيمة أي أن الثورة - بما هي حاضر الجنوب المستباح ، لابد أن تنهض بمهمة فكرية – ايبستمو لوجية " = نظرية المعرفة " نقدية تحليلية عقلانية للخروج بخلاصات تحدث قطيعة معرفية هادفة وواعية مع الأسباب التي حولت أصحاب الحق في الثورة من اجل الحرية والاستقلال من الاحتلال البريطاني إلى قوى متحاربة ، وفخخخت دولة الاستقلال بصراعات سياسية دامية يلتمس المنتصرون – دائما – شرعيتها في المصطلحات السياسية ، حتى غدا اليمين أكثر من " يمين " وكذلك اليسار أكثر من " يسار " وصولا إلى رحلة الابتلاع إلى شدق أوهام الشعب الواحد والتاريخ الواحد ( إعلان 22/5/1990م المشئوم ) وما ترتب عنها من عدوان تدميري يعيد إلى الذاكرة حروب سبا القديمة . هذا الخراب العظيم اليوم ، هو حاضرنا في الجنوب الثائر وأليس مشروعا أن نتساءل عما قاد شعبا ودوله إلى هذا الهوان ؟ وكيف نفهم ماضينا ونتجاوزه ؟ إن تجاوز الماضي لا يتم بإدارة الظهر له ، او بالتخوف من تفكيكه وإعادة بنينته ، وإنما بمعرفته معرفة علمية ، للاستفادة من دروسه وعبره : الآخذ بما ينفع وتجاوز ما ضر بنا وما سيضر ، ليس بالشعار، وإنما بإحداث قطيعة معرفية ٍمع الأسباب التي أفضت إلى هذه النتيجة في الوعي الاجتماعي كأحد أعمدة فكر الثورة الثانية .
إن قدرة الثورة على انجاز هذه المهمة ، هو ما يوفر قاعدة صلبة لفكر استشرافي يحدد – بوضوح تام – إجابات الثورة عن المستقبل المتحرر من إمراض الماضي التي أدت إلى اغتيال ثورة 14 أكتوبر وتدمير مقومات دولة الاستقلال المدنية العصرية على يد غزاة القبيلة المنتمين إلى ثقافة القوة ، وعقل الغزو والغنيمة السبئية حتى غدا شعب الجنوب يعيش تحت قسوة اعنف مفارقات العصر وأغربها : القبيلة داعية وحامية التوحيد / الأكذوبة .
أي أن فكر الثورة هو ما ينبغي أن ينهض بالتالي :
1 - أن لا يجعل من الدفاع عن الهوية عبر الدفاع عن التاريخ والمعالم والرموز الثقافية مبررا ذرائعيا يحول دون فهم الماضي ومعرفته للإفادة منه في الحاضر ، والمستقبل بل العكس والصواب هو ، اعادة قراءة التاريخ بعقل اليوم ومتطلباته لاستعادة الوعي الجنوبي إلى ضوء الحقيقة وسط فاجعته الإنسانية .
2 – إعادة بنينة الوعي في الجنوب ، بما يحرره من زيف الوعي التاريخي المؤسطر ومن المسلمات الإيديولوجية الزائفة ، فيمده بقوة معرفية تعضد قوة الحق الجنوبي بمواجهة باطل الغزو والقوة أي ان تحرير الوعي وإعادة بنينته من مهمة الفكر وليس الشعارات الحماسية .
3 – تحرير قوى الثورة السلمية – مفتوحة الخيارات – من الشمولية السياسية والفكرية ( الاستبداد بالراي ) وتطهير وعي الجماهير من صنميه الثقافة وصناعة الأصنام ، التي تتمظهر في القبول الطوعي باهدار العقل الجماعي ، أي إحداث قطيعة مع ثقافة الاستبداد ، فثورتنا بحاجة إلى مناضلين أحرار وليس اتباعا " رعية "
4 – بناء علاقات قيمية جديدة تجسر الصلة بين الماضي والمستقبل ، عبر مصفاة الثورة " = الحاضر " المعرفية والعقلانية القادرة على الجمع بين قيم الماضي الايجابية ومتطلبات المستقبل وقيمه الجديدة .
5 – رسم ملامح المستقبل بوضوح غير قابل لتعدد التفسيرات ،وتضع الشعب في موقع الحامي للأهداف التي ناضل من اجلها ، والراعي لها من نزعات الاحتكار ومن مخاطر الشمولية .
6 – ترسيخ قيم التعدد والتنوع بإبراز حسناتها وبالتأكيد على التزام الثورة بها كعنصر من عناصر فكرها في الحاضر والمستقبل ، كفكر سياسي تلتزم به كل قوى الاستقلال ، عبر برنامجها الموحد أو برامجها المتعددة ، واعتماد مبدأ الحوار مع حملة المشاريع السياسية ما دون الاستقلال في مرحلة الثورة ، إلا من وقف في صف الاحتلال لضرب الثورة ، تحت أي مبرر فقد اختار خط العداء مع شعبه بنفسه وفي هذه المسألة ، تجدر الاشارة إلى ظاهرة التعدد الانقسامي ، بما هو تعدد لم يقم على فكر سياسي متنوع . فهذا النوع من التعدد يفتقر إلى موجبات التعدد الحيوي الخلاق ، الذي يولد جدلا فكريا ايجابيا ، وإنما يقوم على تعصب لا رؤيوي ، مكابر ، يتمترس خلف أحكام مسبقة عن الأخر ، أو الوقوف عند حدود قناعات سياسية ما ضوية الجذور فكريا وثقافيا تمثل المحرك الداخلي للسلوك الفردي والجمعي . فالتعصب تجل لحضور ثقافة الاستبداد ، وتملك الحقيقة ، دون الغير فالمتعصب لا يرى اللا وجها واحدا للحقيقة ولذلك يلجا إلى القوة لتأكيدها . وإذ تتعدد أوجه الحقيقة وتخضع للنسبية في فهمها فكذلك الراي . فليس كل راي على صواب مطلق او على خطأ مطلق أي ان ما يضغط على الزناد هو أن يرى طرفان بان كلا منهما على حق مطلق ، مع ممارسة واعية للاقصاء والالغاء المتبادل .
مثلا : أن يتعدد الشعب في كيانات سياسية أو شعبية خلف رؤى سياسية مختلفة ، فذلك دليل حيوية الشعب ومدنيته ، أما أن ينقسم إلى تجمعات لا تحمل أفكارا واضحة عن حاضر ومستقبل الثورة ، ( رؤية فكرية – برنامج سياسي ) فذلك ضرب من الانقسام اللا سياسي ، محكوم بثقافة عصبوية أو بعقلية قبلية " = وعي المجتمع الرعوي " أي خضوع الرعية الاتباع لإرادة الراعي السيد القائد أو الزعيم الضرورة .
وهل ثمة ما هو ادَل على ذلك ، من تعصب جمهور قوة من قوى الحركة الشعبية لقواه المفتقرة الى رؤية سياسية واضحة والى خطاب سياسي يعبر عن إرادته ؟ . ورغم ذلك يتزيأ زى الثائر المفصل في مكنة التبريرية ، بمعنى أخر يتحلل عن وزر التنازل عن قناعاته بالذرائعية ، كي لا يتعثر تعصبه بالحقائق الواقعية ... أي أننا ازاء نفسية اجتماعية مهيمنة وليس أمام موقف سياسي بني على قناعة ذاتية / فردية حرة من الاحتلال حاسمة الخيار ، بناء على معرفة واعية . خطر هذه الحالة السياسية ، يتجلى في مظاهر التشهير ضد الأخر المختلف ، ونشر الخوف من ظاهرة التعدد واشتراط الحوار مع الآخرين بتوحيد اندماجي قبل الوصول إلى توافق حول قضايا الخلاف ... والقيام بأعمال استباقية ، بغية فرض أمر واقع على الآخرين ، والتفرد المعبر عن نزوع شمولي إقصائي ، كما برز بوضوح عقب إعلان زنجبار 9/5/2009م عن " مجلس قيادة الثورة " المسلوق غير المدروس كما اسلفنا ، حيث استغل لإلهاب عاطفة الجمهور وحماسة للتوحيد ،...الخ ...الخ .كما سلفت الإشارة وهو ضرب من ممارسة المكر السياسي ولكنه موجه إلى الذات الوطنية الكفاحية الجنوبية ، ليتحول إلى كابح للذات الثورية . أن الانقسام السياسي في ظل غياب فكرة الثورة بقيمها الجديدة ، يعني - بالضرورة – حضور ثقافة الماضي السياسية وغياب ثقافة ثورة الحاضر الشديدة الحاجة إلى فكر جديد يؤمن انتصارها ويحمي مستقبلها من ادرأن الماضي القاتلة ، ومن ضغوط مطالب المستقبل، وقيمه المعاصرة ، عند استعادة دولتنا الوطنية الديمقراطية التي دمُرت تدميرا شاملا ، بصورة اقل ما توصف به أنها عملية انتقامية ثأرية متوحشة ، مضفية روح المعاصرة على أحكام ابن خلدون بشان سجية التوحش المتأصلة في العرب الذين إذا ما ملكوا نهبوا وسلبوا وخربوا العمران عموما ...إن ثورتنا بحاجة إلى عدم إعادة إنتاج " تاريخ الاختلاف في الرأي " وإنما العمل على تأسيس حالة جديدة لبناء الرأي .
7 – النهوض بمهمة نقد وتقييم كل مرحلة من مراحل كفاح شعب الجنوب بقواه المختلفة ، دوريا ، لاستخلاص الدروس والعبر عن كل فترة زمنية بنجاحاتها وإخفاقاتها بواقعية سياسية إن لم نقل بتشدد كفاحي واعي نحو الذات ، للحيلولة دون الرضى عن النفس الفردية أو الجماعية ، ولقمع نزعة الغرور والتعالي والثقة – الفنتازية – بالقوة الذاتية المستندة إلى تعاظم واتساع رقعت الغضب الشعبية ،دون النظر إلى الفاعلية السياسية ومستوى النجاحات المحققة وشروط الحفاظ عليها و و ...الخ من الشروط .
8 – استشراف حركة صيرورة الثورة ووضع تصور الاحتمالات على ضوء التطورات ، بصورة ديناميكية ، وبالمقابل وضع البدائل الممكنة لكل احتمال دون تضخيم ولا تهوين ..
وفي ختام هذه القراءة التي لا نزعم صوابها المطلق – ندعو الحريصين على انتصار قضية حريتنا واستقلالنا أن يقرأوها بعقل نقدي – منفتح على الرأي المغاير ، دون تعصب ولا من خلف نظارات المواقف والأحكام المسبقة . ولا شك بان القيم السياسية التي تعلنها ثورتنا اليوم ، تلزمنا إن نتعلم فن إدارة الاختلاف سلميا وديمقراطيا والتسليم عن قناعة واعية بان الحقيقة نسبية وان ادعاء ملكيتها من قبل طرف دون الآخرين ، هو ادعاء زائف ورأس الدمار الشمولي الذي نحن احد نتائجه .فلنقتدي ، قبل الفكر ألتعددي الليبرالي الغربي ، قول الإمام الشافعي في اجتهاداته " رأي صواب يحتمل الخطأ ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب " .
وعلى هذه القاعدة العقلانية ، لواحد من ابرز أئمة المسلمين ، ندعوا القائلين " بالوحدة الاندماجية " لقوى ثورة الجنوب قبل الجلوس على طاولة الحوار بتكافؤ بين كل الأطراف ، أن يقدموا للشعب أفضليات هذا الشكل التوحيدي على " التوحيد الجبهوي " ، هذا الذي اقر عبر حوار جاد هادف وبناء ،وجاءت مبادرة الخارج الجنوبية – عبر بن فريد – لتأكيد أفضلياته عبر " القبول بالجبهة الوطنية المتحدة " كصيغة توحيدية تخدم الثورة في توحيد الإرادة الشعبية الجنوبية في مرحلة الكفاح وتؤمن مبدأ التعدد والتنوع للمستقبل أي إن التنوع الجبهوي يؤمن التنوع في إطار الوحدة ، هذا المبدأ الذي ينبغي أن يكون – بالفعل لا بالقول – احد أدلتنا اليوم على تأسيس هذه الثقافة لخدمة المستقبل الذي ننشده .
انتــــــــــــــــــــــــــــــــهى .
وفي الجزء القادم – إنشاء الله سنقرأ التطورات من حيث انتهى هذا الجزء على الصعيدين الداخلي والخارجي .
صادر عن الدائرة السياسية للمجلس الوطني الأعلى لتحرير واستعادة دولة الجنوب المستقلة
عــــــــــــــــــــــــــــــــــدن ــــ بتاريخ : 01 / أغسطس / 2009م .

المجلس الوطني رسالة إدانة و تضامن مع قناة الجزيرة الفضائية

بسم الله الرحمن الرحيم
المجلس الوطني الأعلى لتحرير واستعادة دولة الجنوب محافظة الضالع
رسالة إدانة و تضامن مع قناة الجزيرة الفضائية
الإخوة في قناة الجزيرة أدارة ومحررين ومراسلين وكل العاملين في قطر المحترمون
إننا في المجلس الوطني الأعلى محافظة الضالع احد مكونات الحراك السلمي الجنوبي نعبر لكم وللأعلام الحر المتمثل بقناة الجزيرة الفضائية عن استنكارنا الشديد لما قامت به سلطة الاحتلال في صنعاء بسحب جهاز البث المباشر من مكتبكم في صنعاء الى جانب التهديدات والمضايقات الأمنية التي يتعرض لها مكتب الجزيرة في صنعاء لما تقومون به من اضهار الحقيقة للعالم وتأدية رسالتكم المهنية بكل حيادية وهو ما لايعجب نضام الاحتلال في صنعاء .
كما اننا في المجلس الوطني الأعلى نؤكد لكم على تضامننا المطلق مع قناتكم الحرة ومع كل العاملين فيها ونحن على ثقة كبيرة بان قناة الجزيرة ورسالتها المهنية اكبر من الإجراءات الاستخباراتية والأمنية التي تقوم بها سلطات نضام صنعاء بهدف حرف مسار قناة الجزيرة عن نقل الحقيقة وكشف جرائم الاحتلال التي تمارس ضد شعب الجنوب من سفك الدماء وقتل الأبرياء واعتقال وملاحقة النشطاء , وتزيف الحقيقة من قبل المتحدثين باسم نظام الاحتلال في صنعاء كما جاء على لسان طارق الشامي المتحدث باسم الحزب الحاكم , وان ماجاء على لسانه هو نوع من التضليل للرأي العام وتزيف للحقيقة وليس له أساس من الصحة فقناة الجزيرة هي صوتنا الى العالم والنور الذي يكشف عن جرائم الاحتلال السوداء التي يقوم بها نظام صنعاء بحق أبناء الجنوب. واننا على ثقة كبيرة بان قناة الجزيرة ستظل المنبر الحر المعبر عن صوت الحقيقة لشعوب العالم العربي ونقل معاناتهم بكل واقعية , و. ونعبر عن شكرنا لقناة الجزيرة التي كانت حاضرة دوما معنا منذ انطلاق نضالنا السلمي التحرري في نقل فعاليتنا واحتجاجاتنا السلمية وإيصال قضيتنا الى الكثير من شعوب العالم فهي المتنفس الوحيد لنا في ضل الحصار الأمني والإعلامي الذي تفرضه علينا سلطة الاحتلال لكي تحجب الحقيقة عن العالم وتغطي جرائمها البشعة بحق شعبنا الجنوبي المسالم والمطالب بحريته وكرامته واستعادة دولته.
ونؤكد لكم ان شعب الجنوب في كل مكان سيقف الى جانب الرأي الحر في قناة الجزيرة ويعبر عن استنكاره لما قام به نضام صنعاء بحقكم ويعبر عن تضامنه في كل فعالياته السلمية التي ستشهدها الساحة الجنوبية كل يوم.
الدائرة الإعلامية للمجلس الوطني الأعلى محافظة الضالع
الخميس تاريخ 11/3/2010م

السبت، 30 يناير 2010

صور موكب استقبال المناضل محمد بن هادي

صور موكب استقبال المناضل محمد بن هادي

البرنامج السياسي للمجلس الوطني الاعلى لتحرير واستعادة دولة الجنوب

بسم الله الرحمن الرحيم
البرنامج السياسي للمجلس الوطني الأعلى للنضال السلمي
لتحرير واستعادة دولة الجنوب المستقلة

((وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان، واتقوا الله ان الله شديد العقاب)) صدق الله العظيم

المقدمة

إن المجلس الوطني الأعلى للنضال السلمي لتحرير واستعادة دولة الجنوب المستقلة:
هو القيادة السياسية والشعبية الجنوبية المعبرة عن حق شعب الجنوب الشرعي والعادل في النضال من أجل التحرر من براثن الاحتلال العسكري البدائي ( للجمهورية العربية اليمنية ) لينال استقلاله ويستعيد دولته الوطنية ذات السيادة على كامل ترابها.
وإذا استدعت رحلة كفاح شعبنا على مدى عقد ونيف، و ما ترتب عنه ومن حوله من عوامل ذاتية وموضوعية تسعى إلى حصار المفهوم السياسي لقضيتنا داخل المنطقة الرمادية، أي في حالة سيوله وغموض يحملان أكثر من تعريف وبالتالي، اكثر من خطاب سياسي داخل الحركة الشعبية الجنوبية السلمية .. الخ فإذ استدعى ذلك كضرورة سياسية – تحرير ( القضية الجنوبية ) مما سلف ذكره وغيره، تداعي أبناء الجنوب المؤمنين بالهدف الى التشاور مع كل مكونات الحركة السلمية الجنوبية للإنتقال الى مرحلة الوضوح في نضالنا، فكان " لقاء العسكرية " التاريخي الذي أعلن عن قيام مجلس وطني جنوبي سيضم خمسين مناضلاً من كل محافظة في الجنوب وممثلين عن ابناء الجنوب المهاجرين والنازحين في الخارج، المؤمنين بالهدف المعلن من قبل المجلس الوطني الأعلى في بيان إشهاره الذي كان ثمرة ذلك التشاور.
فإن المجلس الوطني يشكل – كذلك – إطاراً جامعاً لوحدة المناضلين الجنوبيين المقتنعين بهدفه المعلن في كل بياناته وببرنامجه السياسي المرحلي هذا، بمعزل عن انتماءاتهم السياسية والاجتماعية والمهنية – النقابية .. الخ.
منطلقاً من ايمانه بأن وطننا المغتصب امانة في اعناق كل ابنائه في الداخل كانوا او في الشتات، وان الواجب الوطني والديني والأخلاقي يدعوهم أن يسهموا في تحرير وطنهم، كل بما يستطيع ان يقدمه لخدمة هدف الحرية النضالي، متى واينما كان، لتحرير وطنه وانقاذ شعبه من وضعة الفجائعي، تحت نير ما هو اسوأ من الاحتلال، بثقافته الغابوية، ونزوعه التدميري الشامل نحو الجنوب : الأرض والانسان والتاريخ.

إن المجلس الوطني الاعلى، يعي وعياً سياسياً عالياً، المسؤوليات المترتبة على نقلته النضالية النوعية التي حررت القضية من قيود الغموض و مخاطر التردد النخبوي الجنوبي وذرائعيته .. الخ
وفي مقدمة ذلك – لاريب – هي مسؤولية بناء حامل سياسي منظم يرقى الى مصاف الهدف الوطني النبيل الذي اعلنة وتبناه باعتباره التجسيد العملي للإرادة الشعبية الغالبة في الجنوب، التي اوصلتها فاجعتها اللإنسانيه الى اليقين بإستحاله التعايش مع ثقافة سلطة الغزو الوافدة على الجنوب – بالقوة – من خارج العصر بما هي ثقافة تسييد " العقل الهمجي " المبيح للنهب والسلب معيدة الى الذاكرة تاريخ الحروب القديم ، ولا سيما الحروب السبئيه ما قبل الميلاد ، حيث اجلت الممارسات – منذ 7/7/1994م ضد الجنوب الطابع السبئي : الغزو من اجل الغنائم والنزوع العنيف لتدمير المهزومين، وسبي من لم يقتل وتقديم قرابين للآلهة.
لقد حاكت الـ ( ج.ع.ي ) – السلطة بالذات – في غزوتها للجنوب (( مملكة سبأ )) في حروبها التدميرية.

وإذ عبر المجلس عن اراده الشارع الشعبي الجنوبي فإنه لايزعم الوصاية على هذا الشعب المكافح من اجل حريته، بل يربا بنفسه عن هذا المنزلق السياسي اللاعقلاني المدمر، الذي خبره من تاريخ الجنوب السياسي الحديث ولذلك فالمجلس الوطني يدعوا الجماهير الى التمسك الواعي بقناعاتها وخياراتها المعبرة عن ارادتها الحرة، لأنها الارادة الصلبة القادرة على فرض خياراتها الكفاحية التي من اجل انتصارها قدمت وستقدم الغالي والنفيس.
واذ يلتزم مجلسنا خيار الشعب ويجسد ارادته، ينبه الجماهير الى حقيقة ان من لم يجسد ارادتها اليوم ، فلن يحترم ارادة الشعب غداً.
وفي هذا السياق يؤمن مجلسنا بأن ليس ثمة خيار لدي الجماهير في جنوبنا المستباح، يرقى الى مستوى تضحياتها الغالية، سوى هدف الاستقلال واستعادة الدولة. وذلك فمجلسنا يدعوها الى الالتفاف النضالي الواعي حول هذا الهدف الذي سقط من اجله الشهداء الابرار وسالت من اجله الدماء الزكيه على طول وعرض الجنوب.
ويثق المجلس الوطني بأن شعب الجنوب لن ينساق مرة اخرى وراء الاوهام السياسية القاتلة، التي سبق وان قادته الى مصير القربان الجماعي لآلهة التاريخ المؤسطر والايدلوجيا الزائفة وله في حديث رسول الاسلام ( صلى الله عليه وسلم ) القائل " ان المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين " خير هادٍ في رسم آفاق مستقبله.

وسيناضل المجلس يداً بيد مع كل قوى الجنوب السياسية والمدنية والشعبية المؤمنة بحق شعب الجنوب في الحرية والاستقلال وسيعمل بإخلاص وتفاني على تيسير كل السبل لوحدة الاداة النضالية في اطار كفاحي واحد لحماية وتصليب فانتصار الهدف المشترك.
فمجلسنا لا يرى سبباً يحول دون وحدة القوى الجنوبية ذات الهدف السياسي الواحد.
وفي سياق آخر سوف يعمل مجلسنا بكل مكوناته مع الآخرين ممن يتبنون خيارات أخرى، يرون بأنها قادرة على اخراج شعبنا من جحيم فاجعته الانسانيه غير المسبوقة في كل تاريخه.
وسيعمل في هذا الاتجاه منطلقاً من :
1- التزام مبدأ التعدد والتنوع، واحترام الرأي المخالف، والقبول بالآخر كشريك في الوطن في راهنه الكفاحي وفي المستقبل مؤمناً بأن التعدد والتنوع سنة الله في خلقه، وعامل حماية للمجتمعات من الاستبداد والطغيان، وعامل ثراء في المجتمعات غير المتعسفة لمبدأ التنوع في اطار الوحدة.
2- تجسيد قناعاتة المبدئية الرافضة للإستبداد بكل اشكاله من خلال اسهامه العملي على نشر وترسيخ ثقافة التعدد داخله ومن خلال رسم خط علاقاته باصحاب الرؤى المختلفة، الملتزمة قاعدة الاعتراف المتبادل بحق التعدد والاختلاف في الرأي. ويعتبر هذه المرحلة النضالية ضرورية لتعلم فن ادارة الاختلاف والتنوع على صعيد الذات ومع الآخر الوطني او الخارجي. ايماناً من مجلسنا بأن ما سنبذره في مرحلة نضالنا التحرري سيحصده شعبنا مستقبلاً.
3- التنسيق او بناء تحالفات على قاعدة القواسم المشتركة وهي كثيرة بل جوهرية داخل كل مكونات قوى النضال الجنوبية في سبيل خلاص شعبنا من الاحتلال واهدافه المعروفة. وسيعمل على تطوير وتوسيع نقاط الالتقاء طالما اسهم الآخر في تعزيز الشراكة الكفاحية واسهمنا معاً في بناء عوامل الثقة لخدمة قضيتنا وانتصاراً لإرادة شعبنا الحرة.
وإذ يمثل المجلس الوطني الجنوبي اطاراً لوحدة مناضلين مخلصين لهدفهم الكفاحي الواضح، فأنه يؤكد بأن ابواب المجلس مفتوحة لكل المناضلين الجنوبيين ممن اكتملت لديهم القناعة بصواب رؤية مجلسنا السياسية وخطه السياسي الكفاحي.
وسيعمل المجلس بكل تكويناتة على حشد الرأي الشعبي حول هدف الاستقلال واستعادة دولة الجنوب، معتمداً وسيلة الاقناع عبر الحوار ونشاطاته السياسية والاعلاميه والتضامنية والعمل على اعاده بنينة الوعي التاريخي .. الخ.
وسيلتزم المجلس الوطني بمبدأ العمل على الحيلولة دون أي عمل واعي او بدون وعي، يسهم في اعادة انتاج الماضي وصراعاته السياسية العنيفة.. وسيسعى الى تجسير الصلات الايجابية مع وبين كل قوى الجنوب الحية، ملتزما إرادة شعب الجنوب الواعية في طي صفحة الماضي الأليم، والاستفادة من دروسة وعبره والالتزام بقيم التصالح والتسامح والتضامن الجنوبي – الجنوبي، هذا الفعل السياسي والانساني الخلاق المجسد لثقافة جنوبية حضارية متميزة والذي شكل الجسر المادي والمعنوي الذي توحدت عليه ارادة شعب وانتفضت هويته دفاعاً عن وجودها من نزوع الطمس والتدمير العنيف في ثقافة غزاة (7/7).
ان المجلس الوطني جاء كحاجة سياسية موضوعية اقتضت ميلاده من رحم الاضطراب الرؤيوي وسط الحركة الشعبية النضالية الجنوبية العفوية، ذلك الارتباك الذي طفح في تراجع الخطاب السياسي وتعدد مضامينه ليضع الاراده الشعبية الجنوبية امام اختبار عملي لتحديد هدفها وطريق خلاصها الواضح والالتفاف حوله وهو الهدف الذي عبرت عنه في شعاراتها وزواملها وسط الرصاص الحي والغاز السام " برع برع يا استعمار " او ان تظل رهينة مربع الغموض والهلامية الشبيهة بحركة هندول ساعة جدارية سقطت عقاربها. لكن مجلسنا يثق بأن الجماهير التي انتفضت لتواجه الموت بصدور عارية، تعي ما تريد، وانها تسترخص الموت من اجل هدف عظيم : هدف الدفاع عن الوجود من المحو، هدف الحرية والاستقلال.

الباب الأول :
الفصل الأول
القضية الوطنية الجنوبية

ان القضية الوطنية الجنوبية هي قضية حق طبيعي ومكتسب أي قضية شعب وارض وتاريخ سياسي وتراث كفاحي وثقافي - هوية – ( دولة تاريخية ) اخضعت بالغدر والعدوان لإستعمار بدائي هو أسوأ من الاحتلال.
وهي قضية حق سياسي وقانوني وجيو/ثقافي وتاريخي، لا تسقط بالتقادم، بما هي قضية موضوعية الوجود تختزن شروط وعوامل قوتها من شرعيتها وعدالتها بمواجهه القوة، هذه التي اثبتت التجربة التاريخية الانسانية عجزها عن ان تخلق الحق، بمقابل قدرة الحق على خلق اسباب القوة – حسب روسو – وهذه الحقيقة اثبتتها التجربة المعاشة اليوم بمقاومة شعب الجنوب ورفضه للهيمنة العسكرية للجمهورية العربية اليمنية، منذ بدء الاجتياح وما بعد الاحتلال، ليخرج منذ عامين بقضه وقضيضه يناضل سلمياً لإستعادة عزته وكرامته رافضاً للإحتلال ومطالباً بالاستقلال واستعادة دولته المستباحة من قبل نافذي وأمراء حرب سلطة الاحتلال.

وإذا كانت القضية الوطنية الجنوبية، قد بدأت كما يرى المجلس الوطني، مع إعلان قيام ( الجمهورية اليمنية ) في 22/5/1990م عن اندماج ( ج.ي.د.ش ) مع ( ج.ع.ي ) تلك الوحدة التي حملت اسباب فشلها بداخلها بسبب الاندماج الذي لم يراعي ابسط شروط الوحدة بين الشعوب لتأمين مصالح الطرفين مصالحها مما شجع سلطة صنعاء على اعتبار الوحدة مجرد عودة الفرع إلى الأصل معتبراً الـ(ج.ع.ي) اصل و الـ(ج.ي.د.ش) فرع وهو امر متعارض مع مبدأ الوحدة السياسية بين الكيانات السياسية. وعلى هذا كانت مؤشرات القضية الجنوبية واضحة من خلال محاولة هيمنة سلطة صنعاء على السلطة بالتنصل عن اتفاقيات دولة الوحدة المعلنة محولاً ظهره لكل الاتفاقيات الوحدوية. وقد كان اعتكاف البيض الأول بعد اشهر من إعلان الوحدة احتجاجاً على ممارسات نظام صنعاء أول مؤشر عن موت إعلان الوحدة. ومحاولة لإعادة الحياة لها. دون جدوى ولم يعود إلى صنعاء الا على اثر أزمة حرب إحتلال العراق للكويت في 2 أغسطس 1990م. وقد استمرت أزمة الوحدة بين الشعبين بصورة متزايدة مما أعاق دمج مؤسسات الدولتين العسكرية والمدنية بل ظلت كل دولة محتفظة بمؤسساتها. وفتح الباب امام الفوضى من قبل سلطة صنعاء لمفاقمة الفوضى الأمنية فشجع على الاختطافات والأغتيالات والحروب القبلية ثم انتقل الى استهداف القيادات الجنوبية بالأغتيال فقتل منهم أكثر من 150 شخص حتى تمكن من إضعاف القيادة الجنوبية ووضعها في موقف العاجز عن دفع الخطر عن ذاتها ناهيكك عن القيام بمسؤوليتها مما سهل عليه إعلان الحرب الشاملة ضد الجنوب من ميدان السبعين في 27 إبريل 1994م رافضاً كل القرارات والمناشدات الدولية لوقف الحرب وفي مقدمتها قراري مجلس الأمن 921 و931. وكذا دعوة مجلس التعاون الخليجي ومواصلاً الحرب حتى أتم إحتلال أراضي دولة الجنوب في 7/7/1994م وتم إعتبار هذا اليوم يوماً مقدساً، لتصبح حربهم مقدسة وممارستهم للسلب والنهب والقتل والسفك في الجنوب أداء لشعائر مقدسة، واعتراض الجنوبيين لها يمثل في انجيلهم – كفر بمقدس ولكي تصبح الجرائم، المرتكبة بحق الجنوب : الارض والانسان والتاريخ – وبالقوة – ضرب من اداء الواجب الديني، اسندت المقدسات بوعيد الموت وخطوط الدم والعيون الحمر وو.. وما شاكل.
وتهمة " الردة " جاهزة اذا ما رفع الجنوبيون انينهم او طلبوا حقهم فالحكم عليهم بحد الردة وفق تعاليم آلهة ( الوحدة - الغنيمة ) و ( الغنيمة - الوحدة ).
ومن التكريس العصابي للمقدسات الزائفة لتقرير مصير الشعب الجنوبي في دور القربان الجماعي لآلهة الغنيمة السبئية المعاصرة، الى فرص ثنائيات الإلغاء من قبيل : الأصل / الفرع، هذا المفهوم المصطنع يجلي بقوة ثقافة تنزع – بالفعل – الى التدمير الشامل للآخر ( الجنوب ) + الأغلبية/ الأقلية + دار ايمان/ دار كفر. ..الخ
فضلاً عن ممارسة التمميز العنصري الصريح ضد شعب الجنوب، الذي منح مكانة (الفرع ) في الشجرة الأم (الأصل) وهو ما يعني ان الارض تخص الاصل دون الفرع. وهو ما يجري العمل به لتحويل شعب الجنوب الى شعب بلا ارض، ولا هوية له ولا وجود، هكذا تجلت الاهداف المبيتة لدى ( ج.ع.ي ) من وراء قبول اعلان (الوحدة) وتكشفت اكثر في اهداف حرب احتلال الجنوب.المسنودة بفتوى دينية – صكت من دير المطامع السياسية لقوى الحرب القبلية – الاسلامويه – أباحت الارض والعرض والدم.
فجرى تقاسم اراضي الجنوب الخاصة والعامة كإقطاعيات بين امراء الحرب ونافذي الاحتلال بملايين الامتار وثم تحاصص حقول النفط الجنوبية، حتى البحر لم يسلم من المحاصصة فنهبوا الارض بالكيلومترات من املاك الدولة وأراضي المواطنين وأراضي الجمعيات الزراعية، لا فرق، فالجنوب كله – عندهم – فيد حرب وغنيمة نصر مباحة للفاتحين.
كما نهبوا كل مصانع ومؤسسات الدولة، ومزارع الدولة والتعاونيات بأصولها الثابتة والمنقولة وألقوا – بأصحاب الحق – العمال الجنوبيين الى ارصفه الجوع والمهانة فسلبوا مصادر عيشهم وحرموا من ثروات وأراضي بلادهم، التي يتملكها الفاتحون الوافدون من خارجها.
زد الى تصفية الجنوبيين من كل اجهزة الدولة العسكرية والأمنية والمدنية والنزوح القسري للآلاف من كوادر وأبناء الجنوب، ليصبح شعب الجنوب بكاملة يعيش حالة اغتراب، معطل القدرات مصادر الحقوق، مستلب الارادة، منتهك الكرامة، محظور على ابنائه الحلم والطموح الانسانيين.
شعب محروم من ارضه وثرواتها، مفروض عليه ان يعيش في في سجن الهزيمة العسكرية، مقطوع الصلة بماضيه، منفي – قسراً – من حاضرة. ومعلوم بأن شعباً بلا ماضي لا حاضر ولا مستقبل له.
وليتم ذلك للإحتلال تمت عملية سياسية ممنهجه لتدمير القيم الوطنية والمدنية الجنوبية، وزرع ثقافة القبيلة، التي تمثل محور الفكر السياسي لسلطة الجمهورية العربية اليمنية، فقام بإعادة انتاج العلاقات القبلية، بديلاً للعلاقات المدنية وثقافة القانون السائدتين في الجنوب، من خلال فرض المشائخ والعقال في الريف و المدينة – حتى مدينة " عدن " ذات الثقافة المدنية ( لكوزموبوليتانية ) في تسامحها وتعايش كل الاجناس والاديان فيها، جرت اريفتها ابتداء من تعيين مشائخ وعقال حارات فيها، وهو مالم تعرفه عدن طوال تاريخها ولتتم بدونتها صيروها قرية كبيرة، لن تجد فيها مكتبة لبيع الكتب ولا مسرحاً ولا داراً للنشر .. الخ.
وقد منح للمشائخ والعقال مكانة رسمية معترف بها في المعاملات ذات الطابع الرسمي، ليضطر المواطنون العودة اليهم مرغمين.
كما قامت سلطات الاحتلال بإحياء وتشجيع الاحتراب والثأر القبليين، فنجحت في محافظة شبوة، وفي الصبيحة والحد - يافع ومناطق أخرى.. كممارسة لسياسة " فرق تسد "
الاستعمارية بأسوأ صورها وبأخبث المقاصد وارذلها وليس ببعيد على شعبنا، والعالم من حولنا، قيام سلطات الاحتلال بالعدوان على حرمة موتانا، فنبشت المقابر، لإثارة الفتنة بين ابناء الجنوب، ثم قيام رئيس الـ( ج.ع.ي ) ذاته الى التحريض في م/ أبين – على الثأر من خصوم الماضي السياسيين فاين علماء الدين من قوله تعالى: " والفتنة اشر من القتل " صدق الله العظيم.
وبالتزامن مع تدمير قيم المدنية في الجنوب، بفرض قيم الماضي المعادية لقيم عصرنا الراهن ومثله العلمية والعقلانية، قام الاحتلال بتدمير المعالم التاريخية والرموز والآثار الثقافية الجنوبية القديمة والحديثة كعملية سياسية منظمة تستهدف طمس هوية الجنوب ومحو وجوده، كشعب، من خريطة الحاضر، ولأن ذلك غير ممكن كان لابد من شطبه من ذاكرة التاريخ بما هي (الذاكرة) معالم ورموز وآثار ومآثر وانجازات حضارية مادية وثقافية ومعنوية.
ولم يقف نزوع التدمير عند هذا الحد، بل يعمل حيثياً على تزوير التاريخ تحت شعار سياسي مغتصب وزائف عن (واحدية التاريخ) و (واحدية الثورة اليمنية) ولم تسلم ايضاً متاحف الجنوب وثورته وشهدائه حمى التدمير، فأشهر واقدم مسجد في مدينة "عدن" ( مسجد أبان ) تم هدمة واعادة بنائه بطريقة تقضي على وجوده التاريخي... نصب الجندي المجهول كرمز لثورة أكتوبر استقلال الجنوب نهبوه، متحف الثورة في ردفان حولوه الى مخبز عسكري وو... من الجرائم ضد انسانية التي ارتكبها المحتل الوافد من كهوف التاريخ على صهوة ثقافة الغزو والغنيمة السبئية المضمون.
ان شعباً من شعوب العالم لم يتعرض لجريمة تدمير رموزه ومعالمه وتزوير تاريخه، كما تعرض له شعبنا منذ اخضع لما هو أسوأ من الاحتلال في (7/7/1994م) الاسود.
وفي الجانب الاقتصادي، استولى المحتلون على كل شئ : مصانع ومؤسسات ومزارع الدولة ، وتحاصصوا الارض وحقول النفط.. اجمالاً وتملكوا البر والبحر، فارضين – بالعنف – ميزان ظلم لا مثيل له في التاريخ ينص على أن ارضهم لهم وارض الجنوب وثرواتها لهم!؟
ولأن شعب الجنوب كان يخضع لنظام سياسي ركز الملكية بيد الدولة، ولم يسمح بنمو الرأسمالية.
في القطاع الخاص، فقد تم احتلال الجنوب وليس فيه رؤوس اموال، لا تجارية ولا صناعية ... الخ.
وفوق ذلك لم يسمح للرأسمال الجنوبي المهاجر بالاستثمار والمنافسة، بل ونال النهب وكلاء الشركات الاجنبيه الجنوبيين بإرغامهم علي التخلي عن وكالاتهم، ومحاربه أي نشاط اقتصادي جنوبي سابق او لاحق.
فاستأثر الاحتلال بالسلطة والثروة ليفرض اقتصاداً استعمارياً على الجنوب تبدأ دورته في صنعاء وتعود ارباحه وفوائده اليها.
لتكتمل اركان المحو للجنوب – الغنيمة، بحرمان شعب الجنوب الشامل من السلطة والثروة والمكانة والدور والفرصة.
أي ارغام ارادتة على التسليم بإرادة الاحتلال، طالما سلب كل اسباب القوة المادية والمعنوية التي تكبل توقه الى استعاده عزته وكرامته المسلوبتين – كما قدر عقل القوة المهيمن على ثقافة الاحتلال – وهو تقدير انطلق من واقع الجمهورية العربية اليمنية وتاريخ الاخضاع المهيمن اللذين فرضهما الأئمة والقبائل الزيدية على المناطق الشافعية (تعز و إب و تهامة) ولم يأخذ في الاعتبار ان شعب الجنوب، يمتلك ثقافة اخرى فوق ان قضيته لها وجود موضوعي، كدولة تحت الاحتلال، لن يتنازل عن حقه الطبيعي المكتسب وهو ما حدث وسيواصل كفاحه، مبدعاً عوامل وأسباباً أخرى بديله لقوة المال، والسلاح والسلطة، حتى تنتصر ارادتة ويستعيد حقه الشرعي غير النقوص والحرية والسيادة على ارضه، مستنداً الى الاسباب والحقائق الواردة في الفقرة التالية.

حق شعب الجنوب في التخلص من الاحتلال

ان شعب الجنوب يعيش اقسى وأسوأ حقبة زمنية في تاريخه نتيجه تعرضه لأسوأ احتلال عسكري من قبل الجمهورية العربية اليمنية، هذه التي توجت فشل مشروع الوحدة الكارثي بينها و (ج.ع.د.ش) يغزو دولة الشريك الجنوبي.
فخسر شعب الجنوب الدولة والاستقلال ليخضع لإحتلال بدائي همجي غادر.
ومما لاشك فيه بأن قيادة دولة الجنوب ذهبت الى الوحدة مع سلطة صنعاء، مجسدة الطموح السياسي العربي في انجاز وحدة عربية تخرج امتنا من حالة التمزق والضعف والانحطاط الحضاري الى فضاء تاريخي جديد يبني مداميك القوة لاستعادة العزة والكرامة القومية المهدورتين.
و اذ قبل شعب الجنوب (الوحدة) عام 1990م مع (ح.ع.ي) التي يزيد سكانها عليه بثمانية – عشرة اضعاف وتنقص مساحة اراضيها على مساحة الجنوب ثلاث مرات وبالثروات عشرات المرات تقريباً، فإنما قبل التضحية بكل هذه المميزات التي تخصه وقبلها تنازل عما هو أهم أي القبول بتغيير هويته من "الجنوب العربي" إلى الـ(ج.ي.ج.ش) عشية الاستقلال ثم إلى الـ(ج.ي.د.ش) يعد 22/6/1969م، من اجل خدمة المصلحة القومية العربية، مؤملاً ان تكون تلك الوحدة فاتحة أمل، تقدم نموذجاً يجسد – في الواقع – افضليات الوحدة في خدمة الأمة.
وما كان شعبنا يتصور ان يتحول من صاحب فضل الى ضحية حلمه القومي، حين تعرض لعدوان عسكري غادر بشع من قبل الاشقاء في الـ (ج.ع.ي) الذين قبل ان يقيم نموذجاً للوحدة معهم لغاية اشمل واسمى هي خدمة امتنا العربية.
بيد ان الفشل الكارثي لمشروع وحدة 1990م على شعبنا الذي غدر به من قبل سلطة صنعاء قد أجلى بقوة استحالة الوحدة العربية في ظل انظمة عربية لم تؤهل مجتمعات عربية موحدة في كل دولة على حدة، ولم تبن دول المواطنة بدلاً عن دولة (الرعية).
وان وحدة ناجحة تفترض بالضرورة مراعاة الهويات القطرية التي تكونت في كل دولة منذ قرون، فضلاً عن احترام خصوصيات كل مجتمع.. الخ.
كما ان ذلك الفشل الذي تحول الى احتلال عسكري لدولة الجنوب من قبل دولة الشمال، قد اسقط ليس احلام شعبنا في الوحدة العربية وحسب بل ولدى الشعوب العربية الاخرى – دون شك - .
فلقد تحول شعب الجنوب في الوحدة الى كابوس رهيب، عندما وجد نفسه يخضع لاحتلال عسكري اجتثائي استيطاني باسم وحدة ولدت ميتة، وليس منها سوى خرقة بثلاثة الوان يحتمي بها المحتلون للجنوب في سابقة استعمارية لم يشهد لها التاريخ الحديث والمعاصر مثيلاً.
ولذلك فقد انطلق شعبنا في الجنوب متمسكاً بحقة الطبيعي والمكتسب وحقه الشرعي في النضال للتخلص من الاحتلال واستعادة دولته المستقلة، المغدور بها، من الحقائق السالفة الذكر ومن الحقائق الآتي ذكرها:
1- ان الوحدة السياسية بين الدول والشعوب، عملية خاضعة لظروفها ولقدرتها على تأمين مصالح أطرافها، ولذلك فهي قابلة للنجاح بقدر ماهي قابلة للفشل ولنأخذ مثلاً: الوحدة التشيكوسلوفاكية التي دامت اكثر من (70 سنة) فعاد كل طرف الى وضعة السياسي المستقل بطريقة سلمية .. ثم الاتحاد اليوغسلافي الذي شهد تفككاً هو الاعنف في عصرنا، والذي شهد آخر استقلالات مكوناته في استقلال (كوسوفو). وفشل الوحدة المصرية السورية، ولم تلجأ القاهرة الى القوة لفرض الوحدة على دمشق كما فعلت صنعاء مع عدن. ولذلك فإن مشروع الوحدة السياسية بين دولة (ج.ي.د.ش) و الـ(ج.ع.ي) التي فشلت قبل ان تبدأ، ثم توج فشلها الذريع يشن الحرب العدوانية الغادرة من قبل الـ(ج.ع.ي) على دولة الجنوب واحتلال اراضيها عسكرياً، وما تلت ذلك العدوان من ممارسات استباحيه للارض والعرض – كما سلفت الاشارة – كل ذلك لا يقرر الفشل الكارثي لمشروع الوحدة المعلن في 22/5/1990م وحسب، بل وتحول هذا الفشل الى جريمة ضد انسانيه بحق شعب ودولة الجنوب.
2- إن اعلان (الوحدة) السياسية بين دولتينا على عقد سياسي (اتفاقيات) دولية بين طرفيها وطالما نكث طرف بالعقد المتفق عليه، فقد سقط ما ترتب على ذلك العقد شرعاً وقانونا ً بل وعرفاً وانسانياً منذ انتقل الانسان من عصور الهمجية البربرية الى بناء مجتمعات تقوم علاقاتها السياسية والاقتصادية .. الخ على المواثيق والعقود والقوانين التي تنظم هذه العلاقات وتحفظ لكل الاطراف حقوقها ومصالحها. أي سقوط (الجمهورية اليمنية) باعتبارها دولة تعاهدية، قامت على معاهدات (اتفاقيات دولية) بين دولتين فكان بقائها مرهون بالتزام اتفاقياتها من قبل طرفيها، أي بنجاح عقدها السياسي، وفشل هذا العقد، لعدم التزام سلطة صنعاء به، يعني فشل الدولة المعلنة بعقد، ويحق لطرفيها العودة الى ما قبل اعلانها وهو حق شرعي وقانوني لم ولن تلغيه القوة واطماع المحو والتدمير.
3- ان أجلى صور فشل مشروع وحدة مايو 1990م تقرر في نتائج انتخابات 1993م حيث صوت شعب الجنوب بنسبة 100% لممثلة السياسي الحزب الاشتراكي بينما صوت شعب الشمال لممثليه السياسيين (حزب المؤتمر والاصلاح). وهنا تجسد الفشل على صعيد الشعبين، كاستفتاء على فشل الوحدة واستحالة الاندماج.. وبالتالي فإن مجلس النواب ضم شرعيتين سياسيتين لارادتين شعبيتين مختلفتين واحدة للجنوب والأخرى للشمال، وهذه الحقيقة تكشف زيغ وزيف الشرعية المزعومة لنواب يعبرون عن ارادة شعبية جهويه (الشمال) ضد ارادة شعب الجنوب والذي حارب (70 يوماً) للدفاع عن دولته اما جيوش الـ(ج.ع.ي) الغازية. أي انها حرب بين دولتين: دوله الـ(ج.ع.ي) المعتدية و (ج.ي.د) المدافعة عن سيادتها، لتخضع لاحتلال الأولى.
4- ان سلطة صنعاء لم تكتف بتعطيل اتفاقيات الوحدة وحسب، بل مارست الارهاب ضد الشريك وحضرت للحرب ضد الجنوب، وباجتياحها العسكري له، واحتلاله قامت بإلغاء اتفاقيات الوحدة و أجهزت على دستورها المستفتى عليه عام 1991م وادانت وثيقة العهد والاتفاق. وو ...الخ. وهو امر جلي عن ان (صنعاء) استهدفت ضرب مشروع دوله الوحدة، وتدمير دولة الجنوب التاريخية وبسط الهيمنة والنفوذ عليها، فتحويلها الى فيد حرب وغنيمة ونصر للفاتحين كما اثبتت التجربة المرة التي يتجرعها شعب الحنوب على مدى عقد ونيف من القهر والاذلال والحرمان، في ظل نهج الحرب المستمرة ضده.
5- ان (صنعاء) بمقاومتها العنيفة للدوله تواصل تاريخها السياسي المعادي لدولة النظام والقانون، وتعتبر حربها ضد الدولة العصرية معركة وجود. ان هذا العداء، يمثل ثقافة شعب لا يستطيع العيش في ظل دولة مؤسسية، وهي ثقافة تصطدم بثقافة شعب الجنوب الذي فرضته اللادولة احتلالها عليه، فغدا خاسراً دولته واستقلاله ومستهدفا في طمس ثقافته (هويته) ليبلغ اليقين عن ضرورة الخلاص من الجحيم الذي جناه عليه حلمه القومي المتمثل:
أ‌- جحيم الاحتلال البدائي الهمجي الثقافة والسلوك الذي وضعه تحت رحمة سيوف الاستحالات اللامعقوله في عصرنا:
1- استحالة العيش خارج الدولة المدنية العصرية، التي جاء الاحتلال لتدميرها.
2- بلوغ اليقين الجماعي الدامي عن استحالة التعايش مع سلطة احتلال لا ينتمي الى ثقافتها الماضوية المستندة الى القوة كمحور لكل القيم، والمتشبعة بنزوع التدمير الشامل للآخر.
3- استحالة كفالة ادنى حقوق شعب الجنوب في ظل سلطة تستخدم كل مقومات الدولة للحيلولة دون بناء دولة عصرية. وسلطة كهذه، لا هم لها غير الاستئثار بالسلطة والثروة واباحة فوضى الانساق والنهب والسلب والعدوان يستحيل ان تعترف بحق شعب الجنوب الطبيعي والمكتسب، وحقه الشرعي في الحرية والاستقلال، ويستحيل ضمان حل عادل يرضي شعبنا ويعيد له عزته وكرامته في ظل الاحتلال العسكري، وسلطة تكرس الفوضى وتؤبد اشكال الحكم القبلية، ما قبل مرحلة الدولة.
ب‌- التحرر الكفاحي الواعي من كل المسلمات والاساطير التي اوصلتها الى هذا المصير المهين بعد ان بلغ شعب الجنوب اليقين وسط فاجعته، بتصادم ثقافته وموروثة الحضاري مع اشقائة في الـ(ج.ع.ي)، والذين حاكموا (قلدوا) في احتلالهم لدوله الجنوب حروب وغزوات (مملكة سبأ)، ليحظى علي عبدالله صالح في اللا شعور السياسي للقبيلة بدور المكمل لدور "سبأ" بعد (3 آلاف سنة).
6- ان استمرار ارتكاب الجرائم والمذابح ضد الانسانية بحق شعبنا ومواصلة نهب وسلب وتملك اراضية وثرواته، وتدمير مكتسبات دولته يعطي له كامل الحق في النضال للتحرر من الاحتلال واستعادة دولته المستقلة على كامل ترابها، والحصول على التعويضات الكاملة عن الثروات والممتلكات المنهوبة، الخاصة والعامة، والتعويض العادل عن معاناة شعبنا الجماعية التي بلغت حد الفاجعة، من قبل الاحتلال، فضلاً عن ملاحقة مرتكبي الجرائم ضد الانسانية بحق شعبنا حتى يقدموا للمحاكمة في المحاكم الدولية، كغيرهم من مجرمي الحروب في العالم، وسالبي ثروات ومغتصبي الحقوق بالقوة ضداً لأصحاب الحق الشرعي.
7- ان حق شعبنا في الاستقلال في استعاده دولته، لا كحق انساني تكفله الشرائع السماء وشرائع الارض وحسب، بل ووفقاً لقرار فك الارتباط واستعادة دولة (ج.ي.د) الصادر عن قيادة دولة الجنوب في 21/5/1994م وهي القيادة ذاتها التي قبلت الدخول في الوحدة الفاشلة مع صنعاء في 22/5/1990م. حيث تعتبر شرعية هذا القرار مرتبط جوهرياً بشرعية قرار اعلان الوحدة، من حيث الشرعية السياسية والقانونية [ فإذا كان قرار قيادة دولة الجنوب في 22مايو1990م قراراً شرعياً، فإن القرار الثاني الصادر في 21مايو1994م له الشرعية ذاتها، والعكس بالعكس صحيح ] ومعلوم بأن سلطة صنعاء هي المسؤولة عن مسؤولية مباشرة عن فشل الوحدة، وشن الحرب على الجنوب (وعن اعلان فك الارتباط الشرعي) واستعادة الشخصية الدولية لدولة الجنوب (ج.ي.د).
8- كما يستند شعب الجنوب لنيل حقه في الحرية و الاستقلال الى ميثاق الامم المتحدة الذي لا يقر بأي شرعية سياسية لنتائج اللقوة (الحروب) على الغير. وعلى المواثيق والعهود الدولية التي شرعت لنصرة حقوق وحريات الافراد والجماعات والشعوب على السواء. وكذلك على المام المجتمع الدولي بجريمة الحرب العدوانية ضد شعبنا التي اتخذ مجلس الامن الدولي بشأنها القرارين 924-931 لعام 1994م ولا زالت القضية منظورة أمام مجلس الأمن الدولي.
9- يؤمن مجلسنا الوطني الجنوبي الأعلى بأن خلاص شعبنا من وضع العبودية المادي والمعنوي التي فرضها عليهم الاحتلال الهمجي من خلال الاستيلاء على ارضه وثرواته وحرمانه منها وممارسة الافقار والاذلال والقمع ضده، وحرمانه من العمل لتعطيل قدراته وتخريب فاعليته.. الخ..الخ. من اجراءات التمييز العنصري الصريحة التي أخضع لها، هو حق شرعي عادل وليس جريمة. الجريمة هي ان يرغم شعب بكاملة على طمس هويته ومحو وجوده فيخضع للاسترقاق المادي والمعنوي من قبل احتلال بربري حول الحلم العربي في الوحدة الى رعب قاتل. فهل يقبل اشقائنا العرب والعالم من حولنا بأن يستعبد شعبنا في عصر انتصار حقوق الانسان وحرياته وسيادة حق الشعوب في تقرير مصيرها بنفسها؟؟
تلك هي القضية الوطنية الجنوبية، وبوجودها الموضوعي، غير القابل للتقادم.
وسيناضل مجلسنا الوطني بكل تكويناته، وسيضحي مناضلوه بالغالي والنفيس حتى تنتصر ارادة شعبنا الحرة بإستعادة الدولة الوطنية الجنوبية وسيادتها على ارضها التي بها ومن خلالها يستعيد عزته وكرامته ومكانته بين شعوب العالم.
ولن يتنازل عن حقه مهما كانت التضحيات، في التخلص من عقد الاسترقاق الظالم الذي يفرضه عليه الاحتلال بديلاً لعقد الوحدة السياسية الفاشل المطبق منذ عام الاحتلال بقوة السلاح الذي ينص على أن :
" كل شئ لصالح المنتصرالـ(ج.ي.ع). وكل شئ على حساب المهزوم (ج.ي.د) " ، ان هذا اللامعقول اقسى من وصف (روسو) لعقد كهذا بالبلاهة حينما قال ان من البلاهة ان اقول " أعقد معك اتفاقاً كله لصالحي وكله على حسابك ، وستنفذه طالما يروق لي، وسأنفذه طالما يروق لي " طالما أن متحرر بقوة إكراهك على قبوله.
أن هذا اللامعقول في نظر صاحبه (العقد الاجتماعي) هو ما يطبق على شعب الجنوب منذ (7/7/1994م). بديلا اكراهياً لعقد الشراكة والتكافؤ بين ارادتي ومصلحة شعبي الدولتين الذي نكثت به سلطة الـ( ج.ع.ي) ليسقط ما ترتب عنه شرعاً وقانوناً (الوحدة السياسية بين الدولتين).
ان هذه الفاجعة الانسانية التي يناضل شعبنا سلمياً اليوم، للخلاص منها هي قضيته الوطنية الجنوبية، مناشداً المجتمع الدولي الى النهوض بمسؤولياته نحو حق شعبنا في الحرية والخلاص من استعمار متخلف وافد من خارج قيم عصر البشرية الراهن.


الفصل الثاني
مرحلة النضال السلمي لتحرير واستعادة الدولة

1- ارهاصات الحركة الشعبية الجنوبية

ان أي مشروع سياسي أو فكري، له صله بحياة الشعوب ومصالحها، يولد ميتاً، يعني – بالضرورة – انه لم يأت نتيجة تشكل موضوعي نضج في أحشاء الزمنين الاجتماعي والجغرافي، ليكون ميلاده كعملية تاريخية تلبيه لحاجة اجتماعية. أي ان تكون عوامل نجاحه وشروط استمراره تمثل صلب مكوناته المادية والشعورية واللاشعوريه عند الحامل والحاضن الاجتماعيين.
ان ذلك ما ينطبق، وبأسوأ صورة، على الاعلان السياسي العلوي لمشروع وحدة مايو1990م، هذا المشروع الذي ولد كمسخ شائه، يحمل كل تشوهات حامليه السياسيين وحاضنيه الاجتماعيين، اللذين استحضرا فيه الماضي وليس المستقبل، فكان منطقياً ان يموت في مهده، ويسلم الراية لقوى التخلف القبلية والثيوقراطية، التي تمكنت بالغدر والقوة – من فرض الماضي سيداً مطلقاً على الحاضر وان تقدمه – بالقوة – قائداً للمستقبل، بما هو – أي المستقبل – منذ عام 1990م، ولاسيما منذ (7/7/1994م) الاسود رحلة من الحاضر الى الماضي البعيد، هذا الذي منحته مسلمات الايدلوجيا واساطير واوهام التأرخه السياسية الزائفة، بعداً مستقبلياً، بما هو عودة الى مالم يكن (الوحدة) لكن انجيلهما جعل منها وصفة سحرية للخلاص من التخلف وعودة الى القوة المختلقة في عهود سحيقة، واذا بحصاد الوهم سقوط ما بشر به قساوة الوحدة وتحولها الى خراب ودمار، معيدة الى الذاكرة حروب وغزوات ما قبل الميلاد بين دول وممالك جنوب الجزيرة العربية.
لم يطل الوقت بل بأقل من عام، كان الارهاب السياسي والفكري والديني والتصفوي قد بدا يعزف الحان التشهير والتزوير والتكفير لكل ما هو جنوبي ويبدأ الموت يلعلع من فوهات البنادق في سلسلة الاغتيالات.. الخ ليبدأ الوعي الجنوبي يتململ ويشرع بمغادرة جبة ميثولوجيا:
" الوحدة قدر ومصير الشعب اليمني ".
أي ان شعبنا قد لمس الخطر المحدق به في المرحلة الانتقالية (الانتقامية – حسب - الشعب) وعبر عن رفضه الاستمرار في مصيدة الوهم ( الوحدوي ) حينما جعل من انتخابات 1993م النيابية بمثابة استفتاءات على (الوحدة) مصوتاً لصالح ممثله السياسي في الوحدة – الفخ، وفخ الوحدة الحزب الاشتراكي وحده.
وبمعزل عن دور ابناء الجنوب في تحقيق هزيمة الجنوب عسكرياً، فقد دافع شعب الجنوب عن ارضه مقدماً الارواح والدماء اكثر من (70 يوماً) هي مدة الحرب العدوانية، على وطننا أي ان احتلال الجمهورية العربية اليمنية لدولتنا (ج.ي.د) لم يقابل بالورود وانما بمقاومة افتقرت للأعداد النفسي والمعنوي القبلي، كما حدث في معسكرات المحتلين قبل شن الحرب تعبئة نفسية ودينية تزعمها اشهر زعماء الاسلام السياسي في اليمن ( عبد المجيد الزنداني ) ولم يسلم شعب الجنوب للهزيمة العسكرية بل ظل يفتش عن وسائل واسباب دعم ارادته لمواجهة الارادة الغالبة للغزاة – الفاتحين الجدد.
ففي عام 1997م فرضت قواعد الاشتراكي الجنوبية رأيها الغالب على قيادة حزبها بمقاطعة الانتخابات النيابية بإعتبارها انتخابات حرب، لا شرعية لها.
• ثم ظهرت في الفترة ذاتها حركة شعبية سلمية قادها المناضل (حسن باعوم) في حضرموت استمرت حتى 27/4/1998م حينما اقدمت سلطات الاحتلال على قمع المسيرة ليسقط الشهيدان بن همام وبارجاش ويطارد (باعوم) لأكثر من عام.
• في العام ذاتة 1998م، وتحديداً في 5 حزيران يونيو ، تقدم قوات الاحتلال على قتل الشهيد محمد ثابت الزبيدي، ليعقبه ذلك مواجهة عسكرية دامت 48 ساعة تقريباً بين اللواء (35 مدرع) وابناء الضالع، ولا سيما منطقة زبيد.
• في العام ذاته ظهرت "حركة تقرير مصير الجنوب العربي" (حتم) العسكرية، وكانت اول صوت يعلن النضال من اجل طرد الاحتلال واستعادة دولة الجنوب. وقد سقط عدد من فدائي الحركة شهداء في الضالع : سقط الشهيد احمد عبدالله احمد ومحمد احمد ناصر و العميد ركن علي قائد المعكر عادل عبدالله مانع وغيرهم ( شهيداً ) كما تم تدمير 4 منازل بـ(tnt) من قبل اللواء (35 مدرع) في العزلة جحاف الضالع. ومعركة اخرى دامت يوماً بين اللواء ( 35 مدرع وفدائيي (حتم) ) في جبل جحاف. واصلت الحركة نشاطها حتى 2002م.
• ظهور اللجان الشعبية التضامنية الجنوبية، التي بدأت في الضالع عام 1999م وقادت التظاهرات والمسيرات في الضالع، لتقوم اللجان الشعبية في كل محافظات الجنوب، كمعبر شعبي رافض للاحتلال، وقد سهمت سياسياً ومعنوياً في تحريك الشارع الجنوبي ودامت حتى 2001م.
• تيار اصلاح مسار الوحدة وازاله آثار حرب 1994م في الحزب الاشتراكي اليمني 2000 – 2005م. وقد اسهم نظرياً في بلورة (القضية الجنوبية) وأصل نظرياً لها وبشر بقدرتها على خلق قواها الذاتية بإعتبارها قضية موضوعية الوجود، لا تسقط بالتقادم. وكان أول من نبه شعب الجنوب لمخاطر مشاركته في انتخابات الاحتلال من خلال كتابات اعضائه ودعواته لعدم المشاركة مع كل موسم انتخابي وغير ذلك.
• ملتقيات التصالح والتسامح والتضامن الجنوبي – الجنوبي، التي بدأت في جمعية ردفان (عدن) في 13 يناير 2006م وتواصلت في كل المحافظات الجنوبية لتتحول الى عملية سياسية مؤثرة، لملمت ارادة الجنوبيين اكثر فأكثر على قاعدة التصالح والتسامح الجنوبي – الجنوبي. هذه العملية امتدت على طول وعرض الجنوب من المهرة الى الضالع.
• جمعيات المتقاعدين العسكريين والمدنيين.. مثلت الانتقال النوعي – وان افتقر للتنظيم السياسي –لتراكم اشكال ووسائل النضال السالفة الذكر حيث نقلت النضال – على قاعدة التصالح والتسامح – الى افق سياسي ارحب فجرته وحدة اراده كل ابناء الجنوب. ومثلت فعالية (7/7/2007م) في ساحة العروض في (عدن) الانعطافة السياسية المفصلية في حركة المقاومة الشعبية الجنوبية السلمية.
وما تلاها من تظاهرات ومواجهات مع اجهزة الاحتلال القمعية (2اغسطس2008م، 1 سبتمبر 2007م في عدن، 1سبتمبر في حضرموت، 10سبتمبر في الضالع، 13،14 اكتوبر2007م في ردفان، 30 نوفمبر2007م في عدن، 13يناير 2008م في عدن، كأبرز المحطات في ابراز قضيتنا على المستويين الاقليمي والدولي).
وفي الخارج :
- ظهرت حركة (موج) المعارضة وان لم تقدم فعلاً سياسياً في الداخل.
- التجمع الديمقراطي الجنوبي (تاج) في بريطانيا (7/7/2004م).
وقد أعلن بأن هدفه في النضال ضد الاحتلال اليمني لتحرير الجنوب العربي (حق تقرير المصير) ولا زال يمثل احد روافد الحركة السياسية الجنوبية في الجنوب.

حملة ابريل 2008 العسكرية الارهابية

لقد شكل النصف الثاني من عام 2007م مرحلة تبلور المضمون السياسي العلني للحركة الشعبية الجنوبية الرافضة – الثائرة ضد الاحتلال العسكري الجاثم على صدر شعبنا منذ عقد ونيف.
وقد قدم شعبنا عشرات الشهداء والجرحى في مواجهاته السلمية مع قوات الاحتلال وهو يهتف "برع برع يا استعمار". معلنا هدفه في التحرر والاستقلال. وحتى مساء 31مارس وصبيحة 1ابريل 2008م، حينما انزل الاحتلال قواته العسكرية بأسلحتها الثقيلة والمتوسطة والخفيفة لحصار مدن الجنوب وشن حملة اعتقالات بعد منتصف ليله 31مارس مداهمة منازل قادة وناشطي الحركة الشعبية في عدن وفي كل مدن الجنوب.
حيث شكلت حرب ابريل 2008م جنوحاً للحرب المستمرة ضد الجنوب الى ارهاب دولة صريح، يحاصر مدن الجنوب بآلة الموت وبنشر الرعب ويطارد الناشطين، ويعلن حالة الطوارئ ويطبقها بالرصاص الحي على المدن وخلال الفترة ابريل – سبتمبر 2008م، ورغم الارهاب المفروض على الجنوب لم يتوقف النضال السلمي، ولم تفل من عزيمة الجماهير الجنوبية هستيريا القتل والسفك والاعتقالات والمحاكمات الصورية لإبطال الحركة الشعبية. فقد تم خرق الحضر في المدن وارتفعت رايات الرفض، حيث تعرض اكثر من (100الف) ناشط للإعتقال وجرح العشرات، ولكن ذلك قدم قضيتنا بصورة اجلى للخارج وعزز قناعة شعبنا بالخلاص.
بيد ان قوة المواجهة، لم تأت ثمارها على صعيد الهدف السياسي من حيث:
1- تجنح الهدف السياسي داخل الحركة الشعبية بصورة الاختلاف الذي برز في بياني فعالية 13 يناير 2008م للتصالح والتسامح والتضامن الجنوبي – الجنوبي في عدن.
أ‌- استمرت هيئات التصالح والتسامح ولاسيما هيئة التصالح والتسامح الضالع تقدم خطاباً سياسياً محدد الهدف في النضال من اجل الاستقلال واستعادة الدولة، ومعها تيار واسع من أبناء الجنوب.
ب‌- هيئات الحراك التي تشكلت بعد ابريل ومجلس تنسيق الفعاليات في المحافظات التقت في خطابها السياسي مع احزاب المشترك، لينحصر خطابها السياسي في مطالبة السلطة ان تعترف بالقضية الجنوبية، دون تحديد واضح لمفهوم القضية.
وكان جلياً بأن المضمون السياسي لقضيتنا يخضع لمؤثرات ذاتية ، اكثر مما هي موضوعية، تريد ابقاء قضيتنا اسيرة الغموض، بإبقاء الهدف السياسي حبيس اللون الرمادي، اعتماداً على تعدد تعاريف وتفسيرات (القضية الجنوبية).
وهو ما يعني، من وجهه نظر سياسية عقلانية، ترك السؤال المركزي لشعبنا:
" ماذا يريد شعب الجنوب؟ " بدون اجابة محددة وواضحة.
واذ يغيب الهدف، كاستراتيجبا، يكون التكتيك اشبه بالدوران حول حلقة مفرغة ، كالجمل يدور معصوب العينيين حول المعصرة معتقداً بأنه قطع مسافات طويلة، وهو في الحقيقة يدور في حلقة مفرغة.
ويرى مجلسنا الوطني الجنوبي الأعلى بأن ذلك:
1- يرهن قضيتنا لحسابات سياسية غير دقيقة، تؤخر مسيرة نضالنا، وتحول دون انضاج ظروف وعوامل انتصار قضيتنا، هي حسابات ذرائعية في الغالب الأعم.
2- لا يعبر عن الارادة الغالبة لشعب الجنوب الذي يقدم التضحيات الغالية على طريق الحرية والاستقلال.
3- يحدث ارباكاً واضطراباً في الوسط الشعبي الجنوبي وبالتالي تململاً واحباطَاَ، في الوقت الذي فيه اداة ثورتنا السلمية وقوتها وسلاحها هو الشعب ، وهذا احد ابرز المخاطر.
4- يجعل المراقب السياسي الاقليمي والدولي، الذي لا ينظر الينا بعواطفه وانما بعيون مصالحه، غير قادر على اصدار حكم فيما يريده شعبنا، وهنا تفقد قضيتنا شرط التأثير لخلق ظروف خارجية مساعدة، كعامل مهم.
5- إخضاع حقنا الشرعي والعادل في الحرية والاستقلال، لجدلية [ الوحدة والانفصال ] وهي المعادلة التي يقيم عليها الاحتلال اكذوبه شرعياته. كما انها الساحة التي يملك الاحتلال فيها كل اسباب قوتة التي تسقط حين يكون الصراع خارج هذه الجدلية الآثمة بإستثناء عامل القوة – الاحتلال اللاشرعي.. واخضاع قضيتنا لجدلية الوحدة والانفصال خطأ سياسي اشد ضرراً على شعبنا من خطأ 22/5/1990م. لأن صراعنا مع الاحتلال نفى لاسطورة الوحدة ومفهوم (والانفصال) لا ينطبق على دولتنا المستقلة التي اخضعت للإحتلال. ان مجلسنا يناشد الذين لم يتحرروا بعد من اعاقتهم الذاتية، ان يرحموا هذا الشعب من جحيمه فلا تخذلوا تضحياته وتوقه الى الحرية بمسعى اعاقتكم الايدلوجية (وغيرها للتطهر – غير العقلاني – بما لم يكن (=الوحدة) من تهمة الانفصال.
ولما سبق ذكره كان ميلاد المجلس الوطني الاعلى في 31اكتوبر2008م حاجة موضوعية اقتضت ما يلي:
1- تحرير القضية الجنوبية من اسر الغموض وتعدد التعاريف وقطع دابر التردد بين الموقف الجنوبي الواحد المعترف بأنه يخضع لإحتلال عسكري والاختلاف في فهم الخلاص منه.
2- اخراج الحركة الشعبية من حالة العفوية الى التنظيم، بتحمل مجلسنا مهمة الحامل السياسي الجنوبي الموحد حول الهدف المعلن.
3- تجسيد الارادة الشعبية الجنوبية التواقة الى الاستقلال وتحرير دولتها من الاحتلال، بإعلان المجلس الوطني الأعلى في بيانه السياسي الأول، وما تبعه من بيانات، بأن قضيتنا النضالية هي قضية تحرير شعبنا وارضنا من احتلال الـ(ج.ع.ي) واستعادة دولتنا المستقلة.
4- توحيد الخطاب السياسي وفق وحدة الهدف الواضح غير القابل لتعدد التفسيرات.
5- وضع شعبنا امام مسئولية حماية تضحياته والانتصار لإرادته التي يعتقد مجلسنا جازماً، بإعتباره جزء من الشعب، بأنه جسد ارادة غالبية شعب الجنوب التواقة للإنعتاق، والمستعدة للتضحية، الى بلوغ هدفها الكبير في الحرية والاستقلال ومن اجل ذلك سيتحمل – مجلسنا – مخاطر وتبعات النهوض بخيار الارادة الشعبية الجنوبية التي نهضت من تحت انقاض الدمار والخراب، كطائر الفينق، للخلاص من احتلال بدائي هو الأسوأ والأقسى في تاريخنا القديم والحديث.


2- مرحلة النضال التحرري وإدارة الصراع


1- ان المجلس الوطني الاعلى للنضال السلمي لتحرير واستعادة دولة الجنوب المستقلة، اذ يمثل ابرز ملامح نضوج الحركة الشعبية الجنوبية السلمية، يدرك بأن وعي الشعوب لطرق خلاصها لا يتشكل دفعة واحدة، وانما يمر عبر سلسلة من التجارب الناجحة والفاشلة وسط تعقد علاقات المصالح وتعدد مستوى الافهام والرؤى في المجتمع المعين نحو الحق الجماعي المسلوب وسبل الدفاع عنه وشروط استعادته.
وبناء على ذلك يمكن فهم الواقع السياسي والاجتماعي لشعبنا الذي جاء المجلس الوطني من وسطه ويرى بأن تجربة كفاح شعبنا على مدى 14 سنة من الاحتلال وما وصلت اليه تمثل حالة طبيعية لشعب حي اذا ما قورنت بحالة التشظي التي ذهبت بها دولتنا الى فخ الوحدة مع صنعاء وما ترتب عن فشل الوحدة – المشروع من كارثة عليه وما كان يسيراً على شعب كشعبنا ان يخرج من صدمته العنيفة، وقد شارك بصور مختلفة في صنع مأسآته، إلا انه شعب حي يأبى الضيم أياً كان مصدره.
2- ان المجلس الوطني الجنوبي اذ يؤمن عن وعي وادراك، بأن انتصار قضيته (قضية شعب الجنوب) يحتمه الوجود الموضوعي للقضية ذاتها. فإنه لا يرى سبباً موجباً لإخضاعها لخيارات سياسية لم تنجح قبل الاحتلال وبعد ان اصبح طريق النضال من اجل الاستقلال واستعادة الدولة يمثل ضرورة دفاع عن الوجود بمواجهه سياسة الالغاء المنظمة التي يمارسها الاحتلال بحق شعبنا منذ عقد ونيف.
وحينما يتخذ الصراع صورة القوانين الداروينية (الصراع من اجل البقاء) تسقط معه الخيارات الادنى من معركة الدفاع عن الوجود. ولذلك غداً هدف الاستقلال واستعادة الدولة ضرورة فإما ان نكون او لا نكون.. وطالما شعب الجنوب بمختلف شرائحه الاجتماعية ومكوناته السياسية مجمع على انه خاضع لما هو اسوأ من الاحتلال منذ (7/7) الأسود، فإن خياراً آخر، غير الاستقلال من الاحتلال، يعد ضرباً من الاوهام ذاتها التي قادت شعبنا الى نفق 22/5/1990م ثم الى كارثة نقش (7/7) السبئي المعاصر، ان لم يكن نفقاًَ اشد ظلما وظلاماً.
3- واذ يعمل المجلس الوطني للتحول الى حامل سياسي كفاحي حقيقي للهدف الكبير الذي يؤمن بأنه طريق خلاص شعبنا من المحو الوجودي، من خلال توحيد الجنوبيين المقتنعين بهدفه في الداخل والخارج، ليشكل اطاراً متماسكا لوحدة مناضلين ملتزمين ومستعدين للتضحية من اجل انتصار هدفهم، فيرى ان هذه المرحلة تستلزم من المجلس بكل تكويناتة مايلي:

أولاً : تحرير الوعي الجنوبي من المسلمات الزائفة

ان الجذر التاريخي لقضية شعبنا، – اتخذ مسارين الاول مسار السيطرة على الوعي، بتشكيل وعي تاريخي زائف ابتداء من اول بيان اصدره الاتحاد العمالي في (عدن) في 3 مارس 1956م يتحدث عن وحدة اليمن ارضاً وشعباً.
والمسار الثاني : التطبيق العملي – في الجنوب عبر آلية وقوة السلطة السياسية الخاضعة لفكر قومي ايديولوجي مهيمن في ذلك الوقت، كرست ثقافة الوحدة وجعلتها هدفاً سياسياً لها. وفي هذا السياق سوف يناضل المجلس الوطني بكل تكويناتة على صعيد جبهة الوعي في الوسط الشعبي الجنوبي لاسقاط الوعي التاريخي الاحتفالي الزائف، بما هو لاهوت سياسي واسقاط مسلمات الايديولوجيا التي اثبتت التجربة تناقضها مع حقائق الواقع الصلبة التي اثبتت التجربة قوة ترسخ الهويات القطرية في كل قطر على حدة، في اطار الانتماء القومي العربي.
والجنوب ضمن سياق هذه الحقيقة العربية الشاملة وقبل بالتبديل في المفاهيم السياسية المغتصبة في الوعي الجنوبي من قبيل شطرا اليمن، بدلاً عن قطري اليمن، وكذلك مفهوم "اليمن" ذاته بما هو تعبير عن الجهة جاء من اللغة، وليس عن تبلور سياسي أي (اقليم سياسي واحد) – دولة – لانه لم يعرف وحدة سياسية ما طوال تاريخه، وليس ادل على ذلك من ميلاده السياسي التاريخي الانقسامي، الذي شهد في الألف الأولى ق:م (خمسة كيانات سياسية متزامنة، متنافسة متحاربة).
وهو الامر الذي يقرر حقيقة اكذوبة (الوحدة اليمنية) في العصور القديمة والوسيطة، وهذا ما اثبته التاريخ السياسي المدون منذ ما قبل الميلاد الى عصرنا الراهن.. وكم كان مخجل ان تنطلي على شعبنا اسطورة دور الاستعمار في تمزيق اليمن وغير ذلك من الاكاذيب التي استغلت جهل شعبنا وتسامحه وعواطفه القوية لان ما فعله الاستعمار هو اضفاء الشرعية على ما هو قائم على الارض منذ نهاية القرن السابع عشر.
وللنهوض بهذه المهمة سوف يعمل مجلسنا بالتالي:
1- القيام بإعداد البحوث والدراسات ذات الصلة بالموضوع اعلاه.
2- تنظيم المحاضرات -3- تنظيم الندوات -4- العمل السياسي التوعوي الداخلي
5- الكتابات الصحفية -6- النشرات السياسية والإعلامية -7- الاستفادة من كل وسائط العصر لإيصال الحقائق على الصعيدين الداخلي والخارجي وإنشاء موقع إلكتروني للمجلس
8- العمل بصبر ومثابرة وسط الجماهير، والتزام الصدق والحقائق الثابتة، لبلوغ هدف اجماع شعبي جنوبي واعي عن انعدام ايه شرعية لا سياسية ولا تاريخية ولا جغرافية لسلطة الاحتلال على شعبنا وارضنا، سوى القوة العسكرية، التي تمثل برهانا ً ساطعاً على الاحتلال غير المشروع.
9- تقديم الحقائق بشفافية لشعبنا من مخاطر البحث عن حل لقضيتنا السياسية في ظل الاحتلال تحت مسمى (الحل تحت سقف الوحدة) مع ان شعبنا يدرك ان الوحدة لم تكن، وما هو قائم احتلال بأسوأ صورة. وبالتالي اقناعها بصواب خط المجلس الوطني السياسي، ليس لأنها غير مقتنعة به، بل لإخراجها من حالة الاضطراب المفاهيمي.


ثانياً: وسائل وآليات النضال السلمي المرحلي-

1- على صعيد الداخل

سوف يواصل المجلس الوطني اشكال النضال وآلياته – في هذه المرحلة – التي اهمها:
1- المسيرات الاحتجاجية والمهرجانات الخطابية الهادفة.
2- اقامة الاعتصامات وتطوير اشكالها وتصعيد مطالبها، والعمل على توفير امكانيات وعوامل استمرارها حتى تتحقق المطالب التي تقوم من اجلها الاعتصامات.
3- الاحتفاء – احياء – المناسبات الوطنية الكفاحية الجنوبية منها والتاريخية، واحياء ذكرى شهداء نضال شعبنا منذ ما بعد الاحتلال الى ان يتحقق النصر القريب بإن الله تعالى.
4- تعزيز الوعي الشعبي بأهمية رفض المشاركة في كل مشاريع الاحتلال السياسية، ولا سيما رفض انتخاباته الصورية : الرئاسية والنيبابية والمحلية.
5- تعزيز روح المساندة والتضامن الجنوبي – الجنوبي، على قاعدة ومبدأ التصالح والتسامح والتضامن.
6- العمل في ومع منظمات المجتمع المدني الجنوبي وكل اشكال الدفاع عن الحقوق المغتصبة كالجمعيات والنقابات.. الخ.
7- اسناد مهمة حل الخلافات والمنازعات الشخصية بين مواطني الجنوب الى المراكز المحلية في القرى والاحياء السكنية وذلك على طريق المقاطعة الشاملة لأجهزة الاحتلال الامنية والقضائية.
8- رصد وتدوين جرائم الاحتلال من نهب الارض والحقوق الخاصة والعامة الى جرائم القتل والسك والمذابح الجماعية التي اقترفها الاحتلال ضد شعبنا، وبما في ذلك قصف القرى وهدم منازل المواطنين الجنوبيين عبر تفجيرها بـ(tnt) لوضع الضمير العربي كله امام حقائق جرائم الاحتلال. بحق شعبنا وارضنا وتاريخنا... الخ. وسيكون على المجلس مهمة الوصول لمعرفة عدد شهداء وجرحى حرب 1994م وعدد شهداء وجرحى النضال السلمي الجنوبي و كل الذين تعرضوا للاعتقالات والتعذيب ما بعد 7/7/1994م.
9- العمل مع كل القوى السياسية والشعبية والنقابية والمدنية الجنوبية لبناء عوامل الثقة تحت مبدأ الاقرار بحق التعدد والتنوع في اطار وحدة النضال، كعمل مشترك في الحاضر ويؤسس ويمهد ارضية صالحة لمستقبل خالي من الاستبداد وشمولية الفكر والحكم، وبناء علاقات تقوم على الحوار السياسي.
10- وسيعمل المجلس بتفانٍ واخلاص مع كل قوى الجنوب السياسية والمهنية والقبلية المقتنعة بالهدف على عقد مؤتمر وطني جنوبي لكل الجنوبيين المؤمنيين بهدف الحرية والاستقلال لقيام جبهة وطنية جنوبية موحدة الارادة والهدف.
11- نقل اساليب النضال السلمي – في الوقت المناسب – الى تنظيم الاضطرابات عن العمل حيث لا زال ثمة تواجد جنوبي غالب، وصولاً الى مرحلة العصيان المدني.
12- في حالة واصلت سلطة الاحتلال القوة المفرطة، وارهاب الدولة ضد نضالات شعبنا السلمية، فإنها تتحمل المسؤولية الكاملة عن اجبار شعبنا على خياراته الشرعية الاخرى لمقاومة الاحتلال، المكفولة لكل الشعوب الواقعة تحت الاحتلال. وبهذا الصدد, يدعو مجلسنا مشائخ وقبائل الجنوب الانضمام الى حركتنا الكفاحية فالقبيلة الجنوبية مكون رئيس من مكونات مجتمعنا وتعاني شأنها شأن كل شعب الجنوب.

ثانياً : على صعيد الخارج

ان المجلس الوطني الجنوبي الاعلى اذ يعي العلاقة الجدلية بين الداخل والخارج، فإنه سيعمل على الصعيدين الاقليمي والدولي بالتزامن مع خوضه الصراع التحرري في الداخل.. واذ يؤمن مجلسنا – ايضاً – بأن دور الداخل الكفاحي هو الدور الحاسم في خلق ميزان جديد لصراع الارادات وبما ان العامل الخارجي يمثل احد عناصر الصراع، كعامل مساعد، الا انه في قضيتنا يشكل عنصراً مكملاً لإنتصار قضيتنا، لانها قد اكتسبت بعداً دولياً من قبل ان تشن جيوش (ج.ع.ي) حربها على دولتنا وتخضعها للإحتلال.
ابتداءاً بتدويل بوادر بلوغ الازمة الى المواجهة العسكرية، بإشراك سفراء عدد من الدول في تفتيش معسكرات الدولتين، حتى أعلن رئيس (ج.ع.ي) الحرب بتاريخ 27/4/1994م قبل ان تنهي اللجنة العسكرية مهمتها.مروراًً بالاشراف الاقليمي على توقيع (وثيقة العهد والاتفاق) برعاية اردنية في العاصمة عمان لعام 1994م وعندما شنت صنعاء حربها على الجنوب اتخذ مجلس الأمن الدولي قراريه المعروفين 924 – 931 لعام 1994م ولازالت القضية منظورة امام المجلس حتى اليوم، لان صنعاء لم تلتزم للشرعية الدولية وفق قراريها المذكورين وليس كذلك وحسب، بل ولم تصغي سلطة الاحتلال لدعوات الدول الشقيقة والصديقة على عدم فرض الوحدة بالقوة ولم تعمل بتعهداتها للمجتمع الدولي في 7/7/1994م تجاه شعب الجنوب ودولته المعلنة في 21/5/1994م، بل اخضعتهما لاحتلال عسكري استيطاني بنزوع عنصري وتدميري للآخر.
أي ان نضال مجلسنا الوطني الجنوبي يقوم على الصعيد الخارجي حول مرتكزين كاملي الشرعية:
الأول : شرعية وعدالة النضال الجنوبي لتحرير واستعادة دولته المستقلة، وهي شرعية لا تستمد قوتها من حق الشعوب الواقعة تحت الاحتلال ان تقرر مصيرها بنفسها وحسب، بل ومن حق شعبنا الطبيعي والانساني في خوض معركة الدفاع عن الوجود، الذي فرضته عليه سلطه الاحتلال (ج.ع.ي) التي لا تستهدف شطبه من خريطة الحقوق الوطنية الانسانية وحسب، بل والعمل على محو وجوده ليصبح شعبُ بلا ارض.
المرتكز الثاني:- ويقوم على قوة الحقائق المتوفرة لدى المجتمع الدولي، تلك التي سلف سردها.
وهو الامر الذي يضع المجتمع الدولي امام مسؤولية دعم الحق الجنوبي الشرعي والعادل في الاستقلال واستعادة دولتة الوطنية المحتلة، بعد ان كانت، وما برحت، قضيتنا تقع في صلب مهامها، لا سيما منظمة الامم المتحدة ومجلس الامن الدولي.
وارتباط بما تقدم سوف يعمل المجلس الوطني – في هذه المرحلة – بما يلي:
1- اشراك ابناء الجنوب المهاجرين والنازحين قسراً، بسبب الاحتلال، المؤمنين بحق شعبنا في النضال من اجل الحرية والاستقلال في قيادة العمل الوطني الكفاحي وفي اطار المجلس، وبناء فروع كفاحية له وسط الجاليات الجنوبية في اوروبا وامريكا والخليج العربي وحيث يتواجد جنوبيون مؤمنون بالهدف في العالم.
2- التنسيق والتكامل الكفاحي مع الفصائل الوطنية الجنوبية الملتقية مع مجلسنا الوطني في الرؤى وهدف الاستقلال، وذلك من اجل خلق ايقاع نضالي متناغم ومتكامل في الداخل والخارج. ويدعو مجلسنا قيادات الجنوب النازحة قسراً الى توحيد صفوفها وكلمتها لرفد نضال شعبنا على الصعيد الخارجي.
3- العمل على فتح قنوات اتصال موثوقة في الداخل والخارج توصل حقائق الصراع وجرائم الاحتلال الى المنظمات الاقليمية والدولية، التي سيقوم برصدها المجلس الوطني، ولا سيما المنظمات المعنية بحقوق الانسان وحرياته، بما في ذلك منظمة الامم المتحدة ومجلس امنها ... الخ.
4- جمع الادلة والبراهين القانونية الخاصة بجرائم القتل والسفك ضد انسانية بحق شعبنا من قبل الاحتلال ولم يبت فيها قضاء الاحتلال (ومعلوم بأنه لم يقدم قاتل لأبناء الجنوب الى قضاء الاحتلال منذ 7/7/1994م الى اليوم وذلك من اجل رفعها الى محكمة الجنايات الدولية (معاهدة روما)، مشفوعة بدعوى مقاضاة جنرالات الاحتلال لمحاكمتهم كمجرمي حرب، انطلاقاً من حقيقة ان حرب الاحتلال مستمرة على الجنوب منذ عام 1994م، والدليل على ذلك عسكرة الحياة المدنية في الجنوب، ومواصلة السلب والنهب. بحماية عسكرية وقد شكلت حرب ابريل 2008م بطابعها الارهابي وفرض الطوارئ أجلى صورة الحرب المستمرة.
5- في القضيتين (3+4) اعلاه سيعمل المجلس الوطني مع القوى الجنوبية الأخرى، المناضلة ضد الاحتلال لايصال المذكرات ورسائل المناشدة تحت توقيع كل اشكال وقوى النضال الجنوبية، بإعتبارها حقائق ثابتة- يجمع عليها كل الجنوبيين.
6- اقامة الاعتصامات والمهرجانات اما مقر الامم المتحدة وفي عواصم الدول ذات التأثير الدولي مثل واشنطن ولندن وباريس.. والعمل على ايصال مذكرات ورسائل مناشدة من الداخل للأمين العام للأمم المتحدة وللدول الدائمة العضوية في مجلس الامن الدولي وللمجموعة العربية في المنظمة الدولية. وكذلك جامعة الدولي العربية ومجلس التعاون الخليجي ومنظمة الدول الاسلامية و ... الخ.
7- سيعمل مجلسنا في الداخل والخارج، بصبر ومثابرة، لاقناع دول الجوار والدول ذات المصالح المباشرة وغير المباشرة بالحقائق التالية:
أ‌- ان الـ(ج.ع.ي) لم تعرف الدولة طوال تاريخها، لسيادة وهيمنة القبيلة وثقافتها الماضوية. ولأن القبيلة – تاريخياً – نقيض الدولة ونفياً لها، فيستحيل ان تقبل (صنعاء) ببناء دولة.
ب‌- ان امن واستقرار المنطقة لن يأتي من خلال دعم سلطة معادية للدولة، ولن يستقر الوضع لسلطة صنعاء، في ظل اللادولة وهيمنة سلطة اللصوص (الكلبتوقراطية) القبلية الثقافة، ومن حولها دول الجوار، باستمرار بقاء احتلال الـ(ج.ع.ي) البدائي لدولة الجنوب وانما العكس، ازالة الاحتلال البدائي الهمجي، ومساعدة شعب الجنوب على اعادة بناء دولته المستقلة، وهو ما سيسهم في تعزيز الامن والسلم في المنطقة وفي اهم ممر دولي استراتيجي.
جـ- ان عدم وجود الدولة، بل وعدم القبول بها في صنعاء، هو عامل اضطراب والمنتج لفطر الارهاب والفساد والخراب، وتجرؤ القراصنة الصوماليين على خليج عدن وتعريض الملاحة الدولية للخطر، وتواصل العمليات الارهابية داخل العاصمة صنعاء، ابرز تجليات المخاطر التي افرزها احتلال صنعاء لعدن.
د- وبالتالي فإن مصلحة دول المنطقة، ومصالح الدول الاجنبية لن تكون آمنة في ظل سلطة عصبوية قبلية منتجة للحروب مرتكزة على القوة، كعلة وجود.. واستمرار احتلالها لارضنا سوف يسهم في تعاظم حدة الصراع، الامر الذي سيجعل من امن المنطقة عرضة للخطر الدائم، فضلاً عن الازمة العامة التي تتعمق يوماً عن يوم وتنخر جسد سلطة صنعاء الهشة البنية المنتجة، لعوامل فشلها، ومخاطر سقوطها الانفجاري على السلم في المنطقة.
8- الاستغلال المتزايد والهادف للشبكة العنكبوتية وتقنيتها لخدمة قضيتنا اعلامياً، وسيترك المجلس لفروعة الخارجية حق المبادرة وابداع اشكال وميكانيزم لإستغلال تكنولوجيا العصر لخدمة انتصار قضيتنا من خلال التأثير على الرأي العام العالمي من خلال التعريف بحجم الجرائم اللا انسانية التي تعرض لها شعبنا وارضنا وتاريخنا طوال عقد ونيف. وسيرتبط ذلك – بالضرورة – بمستوى الدور الكفاحي المتعاظم لمناضلي المجلس الوطني في الداخل مع بقية اشكال النضال الجنوبية السياسية و الشعبية.
خلاصة:
ان المجلس الوطني الأعلى للنضال السلمي لتحرير واستعادة الدولة الوطنية الجنوبية المستقلة يدرك، وعن يقين، بأن التجربة المأساوية بفجائعيتها النازعة الى المحو من الوجود، التي عاشها واخضع لها شعبنا، قد اوصلتة الى قناعة واعية بأن الدفاع عن حقوقه، لا سيما حقة في الوجود والسيادة على مقدراتة، لن يتأتى عبر التجزيئ والحلول الفردية الترقيعية، وانما عبر انتزاعة لحقه الكلي غير المنقوص المتمثل بتحرير واستعادة دولتنا من بين براثن الاحتلال الاستيطاني.
حيث يرى مجلسنا بأن القبول بتجزئة الحق الكلي يقرر الحق لشراكة الغاصب، (يحجب عوراته) أي ان استعادة شعبنا لحقة الكامل وهو الضمانة الاكيدة لنيل حقوق الافراد والشرائح الاجتماعية الجنوبية مجتمعة.
ان مجلسنا ينطلق من ذلك عن وعي حقيقة قضيتنا في انها قضية دولة بكل مقوماتها (اقليم سياسي) تحت الاحتلال العسكري لدولة اخرى، ويقع في صدارة مطالبها تحرير دولتنا من الاحتلال وازالة نتائجه فإعادة بناء الدولة الوطنية المستقلة، وليست قضية حقوق في اطار الـ(ج.ع.ي) كقضية صعدة او تهامة. وتماشياً مع ذلك الفهم للقضية الجنوبية، فإن مجلسنا يؤكد على:
1- ان شعب الجنوب وقد حزم امره على خوض معركة الدفاع عن حقه في الوجود للتخلص من الاحتلال الذي كان نتيجة فشل مشروع الوحدة السلمية مع (ج.ع.ي) يحق له ان يأخذ بكل الوسائل المشروعة في نضاله حتى يتخلص من الاحتلال وسيكون المجتمع الدولي معني بالاعتراف بهذا الحق بالضغط على سلطة صنعاء في انهاء احتلالها لدولتنا، للحيلولة دون صوملة كل اقليم جنوب الجزيرة العربية. والزام الاحتلال بدفع التعويضات الكاملة عما لحق بأرضنا وثروتنا من نهب وعما سببه من اضرار مادية ومعنوية للإنسان الجنوبي.
2- العمل على تنظيم كل القوى الجنوبية المؤمنة بهذا الحق وتملك الاستعداد الطوعي للتضحية، تنظيماً كفاحياً يؤهلها لخوض معركة التحرير وكفاءة ادارة الصراع داخلياً وخارجياً. وهذا ما يستلزم بالضرورة:-
أ‌- وضوح الهدف السياسي، بإعتباره المحدد المحوري لشروط وعوامل ووسائل النضال. وارتباط بوحدة الهدف ووضوحه، يتم تقديم خطاب سياسي موحد في شكله ومضمونه، كونها اساس تحرير قضيتنا من الفوضى وتعدد التعاريف.
ب‌- ادارة الصراع بوعي شروط ووسائل كل مرحلة من مراحل النضال.
ج- الانتقال من عفوية الفعل ونمطية الاداء، الى الديناميكية السياسية وسرعة الحركة في التعاطي مع التطورات التي يفرزها الفعل الثوري في هذه المرحلة من الصراع.
د- العمل على انضاج الظروف، بإبداع اشكال وآليات كفاحية متجددة تعجل النصر بزمن اقصر وتضحيات اقل.
3- أن ينهض المجلس ليس برسم الخطط والاهداف المرحلية وحسب، بل وان يضع الاحتمالات والبدائل المختلفة لكل احتمال، ليمتلك زمام المبادرة ازاء كل حدث سياسي غير محسوب واستغلال كل الظروف السانحة لخدمة انتصار قضيتنا العادلة.
4- تعزيز الوعي الجنوبي بحق شعبنا العادل، ليرقى (جنوبنا – وطننا الغالي) الى مصاف الهوية السياسية والفكرية للشعب. وعي ينتصر، عن ايمان، لحريته المرهونة باستعادة هويته السياسية (دولتة).
5- ان تصبح في صراعها مع هوية الاحتلال اكثر تميزاً لدى الشعب الجنوبي، فلابد من تحويل حق عدم الاعتراف بسلطة الاحتلال ولا بقوانينها ولا بالهيئات التي تمثلها (كما فجر ذلك المناضل (حسن احمد باعوم) وهو خلف قضبان محاكم الاحتلال) الى وعي جنوبي يرتبط بالهوية الجنوبية والدفاع عنها واستسهال التضحية من اجل استعادتها.
6- الاهتمام بالشباب بالعمل على تنمية مداركهم ومعارفهم العلمية والتاريخية والسياسية واشراكهم في الهم الوطني الجنوبي العام، فالشباب هم طاقة نضالنا الحية، وهم الفئة الاكثر حرماناً وضياعاً في ظل الاحتلال، فيما انهم نصف الحاضر وكل المستقبل، فإن لا مستقبل لهم الا بإنتصار قضيتهم الوطنية الجنوبية. وسيعمل المجلس للمساهمة في تعزيز دور وفاعلية المنظمة الشبابية (اتحاد شباب الجنوب). وفي السياق ذاته سوف يعمل مجلسنا الوطني على كشف حجم التزوير والتشويه والتدليس في مناهج التعليم التي يسوقها الاحتلال لتزييف وعي اطفال الجنوب، لا سيما في مناهج التربية الوطنية والتاريخ والجغرافيا السياسية، لتصبح هذه القضية واحدة من قضايا المجلس النضالية العامة، والعمل على كشف نوايا الاحتلال من تزوير وعي اطفالنا، وسيتبع الطرق المناسبة لدفع ذلك العدوان على عقول اطفالنا.

الباب الثاني
الفصل الأول
مرحلة إعادة بناء الدولة الوطنية الجنوبية


إن المجلس الوطني وهو يرسم آفاق مستقبل نضال شعب الجنوب السياسي في مرحلة التحرير وما بعد التحرير فإنما يقدم للشعب رؤيتة السياسية – البرنامجية المنبثقة عن هدفه الواضح، ولا ولن يدعي بأنه يقدم وصفة جاهزة للخلاص ولماهية سلطة الدولة الوطنية الجنوبية المأمولة كنصوص قطعية غير قابلة للتعديل والتغيير، بل يرى بأن لتغير وتبدل الظروف والعوامل دور مهم في اعادة النظر في كثير من القضايا النضالية، وبما ان مجلسنا يضع الارادة الشعبية في مصاف السيادة، بها ومن اجل خلاصها يناضل، فستكون ارادة شعبنا هي المقررة لماهية وشكل حكومتها المأمولة بإذن الله.
وبصدد هذه المرحلة، يرى مجلسنا، بأنها، وفقاً للمشهد السياسي الراهن، تنقسم الى مرحلتين متلازمتين : الأول : مرحلة السيطرة السياسية والأمنية. والثانية المرحلة الانتقالية.
1- مرحلة السيطرة السياسية والأمنية
تشكل هذه المرحلة من اكثر المراحل دقة وتعقيداً، فهي التي ستقرر من خلالها مستقبل ومصير وطننا، أي ثمار نضال شعبنا وتضحياتة.
ومن قراءة المشهد السياسي الراهن، يرى مجلسنا ان هذه المرحلة تخضع لفرضيتين اساسيتين :
االفرضية الأولى: وتتعلق بالذات الكفاحية الجنوبية. وهذه تحتمل مسارين:
المسار الأول: نضوج الوعي الجنوبي، النخبوي والشعبي، بالغاً مرحلة اللاعودة بأن خلاص شعبنا النهائي لا يحتمل تعدد الخيارات السياسية، وانما اصبح التحرر من الاحتلال واستعادة الدولة، هو خيار الضرورة الحامي لحق شعبنا في الوجود، وهو الامر الذي سيسهم في وحدة الارادة الجنوبية الحرة خلف وحدة الهدف، وهو العامل الذاتي الجنوبي المعول عليه في خلق ميزان القوة الند لتفرض على الاحتلال الرحيل عن ارضنا والتفاوض على الاستقلال، وهو المسار الضامن لعوامل التقليل من مخاطر انفجار الفوضى وتوفير شروط وعوامل التحكم والسيطرة السياسية والامنية على الاوضاع الجديدة ما بعد الاحتلال.
المسار الثاني: بقاء قوى الجنوب السياسية رغم وحدتها النضالية – في حالة انقسام جبهوي، اخضع فيه الحق الجنوبي لتعدد الخيارات أو غيره.. واستمرار هذا المسار – غير المبرر سياسياً – وسط حركة النضال الجنوبية، سوف يضيف تعقيداً أكبر، كعائق ذاتي، لقضيتنا، ويفتح احتمالات خطر تحول مهمة السيطرة الى صراع بيني، ان لم يتم ضبط العلاقات البينية ببناء تحالف مرحلي يقوم على وحدة الهدف مع الاقرار بحق التنوع.
الفرضية الثانية: انهيار السلطة في الـ(ج.ع.ي) انهياراً مباغتاً دراماتيكياً عنيفاً. حيث ستسود الفوضى السياسية والأمنية العارمة. ولا يستبعد ان يسعى جناح ما من صلب الاحتلال ليفرض هيمنته على الجنوب. واذ كل المعطيات والمؤشرات تؤكد السقوط غير الآمن لسلطة صنعاء، أي الانهياري (الصوملة) فإن فرضية الانهيار، كإحتمال مرجح، سيضع مصير كفاح شعبنا ومستقبلة رهن الاحتمالات التالية:
1- بلوغ الذات الجنوبية السياسية مرحلة النضوج المشار اليها في المسار الأول من الفرضية الأولى اعلاه، وهو ما ينبغي ان تعمل من اجله كل قوى الجنوب وشرائحه، لأنه الضامن لتسخير الانهيار في خدمة انتصار الارادة الجنوبية.
2- اذ ما حدث الانهيار المحتمل وقوى الجنوب سادرة في غي تجنحاتها، فإن القوى الكفاحية الاكثر تنظيماً هي القادرة على حسم المعركة مع الاحتلال والسيطرة على الوضع.
3- اذا لم يتوفر الشرطين في (1+2) اعلاه، فسيخضع الجنوب اما للفوضى واما لقوة جديدة طامعة في الجنوب من خارجه مجدداً.
4- ان التشخيص اعلاه يمثل اضاءة للذات الكفاحية الجنوبية تضعها امام مسؤولية وطنية تاريخية، مسؤولية توفير العوامل الذاتية القادرة على تحقيق نصر من الفوضى أو الصراع البيني الاشد خطراً على مصير كفاح شعبنا.
وعلى هذا الصعيد ينبه المجلس الوطني مناضليه الى مخاطر استسهال طريق الحرية بمواجهة احتلال بربري لا يقيم وزناً لحق، ولا يتمثل قيمة انسانية ولا دينية، بل كل القيم عنده تنحصر في قيمة القوة.. الغزو- الغنيمة.. الامر الذي يحتم وعي ما هية الصراع وشروطه، انطلاقاً من المضمون الرئيسي الباعث للصراع. كما ان ترجيح كفه العامل الخارجي في النصر هو ضرب من الوهم، ويكفي شعبنا تجربة حرب احتلاله عام 1994م فإذا لم يفرض الداخل ميزان قوى جديد، فلن يأتي الخارج ليقامر بمصالحه. ان الفرضيات والاحتمالات المبنية على مشاهد الحاضر السياسية والاقتصادية .. الخ هي احتمالات خاضعة للتطورات والاحداث السياسية والاقتصادية الخارجية والداخلية المستقبلية، دون شك، وهو ما يحتم الأخذ بمبدأ الديناميكية في التعاطي مع الأحداث، وعدم ادارة الصراع وفق آلية متجمدة على اطروحات قبلية (سابقة)، وانما ينبغي ادارة الصراع بعقل سياسي غير مقيدة مبادر في مواجهة المستجدات.
2- المرحلة الثانية:
اذا كان بلوغ هذه المرحلة من اعادة بناء دولتنا المأمولة بأمان، مرتبط بمرحلة السيطرة على الاوضاع واعادة سير الحياة الى طبيعتها السابقة لأحداث اللحظات الأخيرة من مرحلة التحرير فإن هذه المرحلة تمثل عنوان مستقبل الدولة وطبيعة نظامها السياسي، ولذلك فهي مرحلة دقيقة وحساسة لا تحتمل القرارات غير المحسوبة، وتقتضي، لتوفير مناخ الهدوء والطمأنينة الشعبية، رسم الاسس النظرية والخطوات العملية بدقة وشفافية تحدد الهوية السياسية للدولة كنهج يحرم استخدام السلطة كوسيلة للسيطرة او الاستبداد السياسي والفكري وللاستئثار بالثروة، وذلك وفق مبادئ وطنية وأسس ملزمة يتم التوافق عليها بين كل التعبيرات السياسية الوطنية الجنوبية، والتي يرى مجلسنا اهمها فيما يلي:-
1- الاسلام دين الدولة عقيدة وشريعة.
2- لغة الدولة هي اللغة العربية وانتمائها القومي العربي العائدة بشخصيتها الدولية الى الجامعة العربية.
3- علم الدولة ونشيدها الوطني يتم التوافق الوطني حولهما عشية الاستقلال.
4- يخضع اسم الدولة لإستفتاء شعبي بعد ان تستعيد الدولة شخصيتها الدولية السابقة (ج.ي.د) المعلنة في 21/5/1994م.
5- الديمقراطية: نهجاً سياسياً يكفل التعددية السياسية والفكرية، ويصون مبدأ التدوال السلمي للسلطة، ويكفل حقوق المواطنة دون تمييز، كما يلتزم مبدأ صيانة حقوق الانسان وحرياتة العامة بما فيها حق التعبير عن الرأي (وحق التفكير) وفقاً للعهود والمواثيق الدولية الكافلة لجملة الحقوق التي تصون كرامة الانسان وتحمي حياتة كحق مقدس ويلتزم بإعادة بناء دولة عصرية مؤسسية يسود فيها الدستور والقانون، الجميع فيها سواسية امام القانون من الرئيس الى ابسط مواطن من مواطني الدولة، فمجلسنا الوطني يؤمن بأن لا ديمقراطية ولا حرية الا في ظل سيادة الدستور على الجميع دون تمييز.
6- العمل على تعزيز مبدأ الفصل بين السلطات الثلاث (التنفيذية والتشريعية و القضائية) وضمان ذلك دستورياً وفرض تطبيقة بقوة القانون وارادة الرأي العام المعول عليها، بدرجة اساسية، في حماية مكتسباتها.
7- الأخذ بالليبرالية السياسية والاقتصادية (حرية السوق) كمبدأ اساسي ، لكن ذلك لا يعني تطبيقه حرفياً دون مراعاة لخصوصيات مجتمعنا وظروف خروجة من تحت الاحتلال التدميري، حيث يحق للشعب بإعتبارة صاحب الارادة السائدة ان يأخذ من الليبرالية الاقتصادية ما يحقق مصالحة ويخدم تقدمة واستقراره، كالأخذ بالديمقراطية السياسية والديمقراطية الاجتماعية معاً، لضمان الحرية السياسية والعدالة الاجتماعية..الخ.
8- يتم تغيير شئون الحكومة الانتقالية وفق القوانين الصادرة قبل الاحتلال، وما سيتم التوافق عليه في الحوار الوطني.
9- تأمين الخدمات الضرورية للشعب وتعزيز الاستقرار الأمني والمعيشي، الذي يمثل شرطاً مركزياً لأحداث تنمية اجتماعية و اقتصادية.
10- خلال الفترة الانتقالية يكون شكل الدولة بسيطاً (دولة مركزية) ويتم العمل بما يقره التوافق الوطني حول شكل الدولة، او اخضاع شكل الدولة السياسي للإستفتاء ضمن الاستفتاء على اسم الدولة، أي هل يتم الأخذ بشكل الدولة المركزية ام الفيدرالية ام حكم محلي واسع الصلاحيات شكلاً ومضموناً.
11- تشريع قوانين دستورية المصدر :
أ‌- قانون يحرم استخدام القوة في العلاقات السياسية بين الاحزاب والتنظيمات السياسية ويلزم كل اطراف العملية السياسية (الحاكم والمعارض) العودة الى الحوار السياسي وحل الخلافات سلمياً. ويتيح قيام احزاب سياسية لا تخضع لشروط تعجيزية ويكتفي بالزام الاحزاب الجديدة بأن تسجل نفسها لدى الجهة ذات العلاقة المنظمة كمؤسسة قانونية.
ب‌- قانون يحرر الصحافة من هيمنة الدولة، ويفتح المجال امام حرية الرأي والتعبير واصدار الصحف والمجلات وانشاء دور النشر وكل وسائل النشر والتوزيع... وإنشاء اذاعات وقنوات تلفزيونية حرة.. إلخ. أي تحرير الاعلام من الهيمنة السلطوية..
ج- قانون للقوات المسلحة يحدد مهامها ويكفل حياديتها ومعها المؤسسة الأمنية بحيث يحرم عليهما التدخل في الصراعات السياسية بين الاحزاب وبما يجعل منهما صمام أمان للاستقرار السياسي في الوطن ووظيفتهما الاساسية حماية الحدود السيادية للدولة وتطبيق القانون فقط.
د- قانون يجرم تسييس الوظيفة العامة، ويجرم استخدام الحزب الحاكم المعين للمال العام والوسائل الدولة او القوات المسلحة والأمن واي حزب يثبت عليه استخدام وسيلة من وسائل الدولة في أي استحقاق انتخابي او تسخير المشاريع الحكومية للدعاية الانتخابية وغير ذلك، يحرم من خوض الاستحقاق الانتخابي – للدورة ذاتها – حرماناً تاماً.
هـ- قانون للأسرة، يحمي المرأة من التمييز ومن عبودية الرجل، ويمنحها كامل حقوقها وبما لا يتعارض والنصوص الدينية القطعية وبالاخذ بجانب العدل من تشريعات الاسلام.
12- ومن بين المهام التي تنهض بها الحكومة الانتقالية التي تدير شئون البلاد عقب الاستقلال والمكونة من:
1- رئيس ونائباً للرئيس.
2- حكومة انتقالية يتم تشكيلها على اساس وطني يخضع لمعايير الكفاءة والخبرة والاخلاص وليس على اساس توازن مناطقي او غيره من الحسابات المضرة بالمصلحة الوطنية.
3- مجلس وطني مؤقت (برلمان).
4- مجلس قضاء:- يشرف ويعيد بناء السلطة القضائية ويسهم مع الحكومة في تقديم مشاريع القوانين الى المجلس الوطني (البرلمان) ومن المهام المرتبطة بدور الحكومة في هذه المرحلة كما يرى المجلس الوطني ما يلي.
أ‌- اعادة بناء القوات المسلحة والأمن على اساس وطني.
ب‌- استعادة الحقوق الخاصة بشعبنا تلك التي تضمنتها اتفاقية انهاء الاحتلال والمسؤوليات المترتبة على احتلاله لأرضنا، كالتعويض عن الثروة المنهوبة والحقوق الخاصة والعامة.
ج- متابعة الهيئات الدولية المختلفة لإستعادة عضوية دولتنا فيها.
د- متابعة الاحتلال على جرائمه ضد انسانية بحق شعبنا، اذا لم تكن وثيقة انهاء الاحتلال قد تضمنت حلاً لها.
هـ- تنظيم وادارة حوار وطني ديمقراطي توافقي، تقدم له الاسس وتهيئ المناخ لإنجاحه.
13- الفترة الانتقالية تتحدد بفترة لا تقل عن سنتين ولا تزيد عن ثلاث سنوات، أو بما يقره حوارتوافق بين قوة الاستقلال عشية استلام السلطة من الاحتلال (القوى السياسية التي ادارت معركة تحرير واوصلت الاحتلال الى التسليم بحق شعبنا في الحرية الاستقلال والحوار على هذا الاساس).
14- حوار القوى الوطنية الجنوبية في المرحلة الانتقالية، الذي تلتزم الحكومة الانتقالية بتنظيمة :
أ‌- وفقاً للفقرة (12-هـ) تنظم الحكومة حواراً بين القوى الوطنية الجنوبية لإقرار الاسس والمبادئ التي على اساسها تتعين ماهية السلطة السياسية (الدولة) بعد اعادة مؤسساتها في المرحلة الانتقالية ولا يجوز تغيير ما تم اقرارة والتوافق عليه في هذا الحوار الا بتوافق وطني جديد، اقتضتة المصلحة الوطنية العامة.
ب‌- يحق لقوى الحوار ان تتفق على مرجعية مؤقتة، لإدارة الحوار بينها، ومنحها صلاحية البت في القضايا التي فشل المتحاورون في الاتفاق عليها، لا سيما القضايا التفصيلية المضامين.
وعلى الحكومة في فترة الحوار الذي يرتب له ما بعد اعلان الاستقلال وتشكيل الحكومة المؤقتة ان تنهض لانجاح الحوار ما يلي:
1- اعداد قضايا الحوار وترتيبها حسب اولوياتها كمشاريع تخضع للمناقشات والاغناء من قبل لجان الحوار قبل ان تصبح (قضايا الحوار) ملزمة للجميع.
2- الدعوة لحوار القوى الوطنية الجنوبية السياسية وممثلي الفئات الاجتماعية المختلفة.
3- اعلان نتائج الحوار للشعب، ومن ثم تحويلها الى برامج عملية، بعد تقديمها الى البرلمان واقرارها، ليتم تطبيقها كأساس للنظام السياسي عبر التشريعات والسياسات بإعتبار نتائج الحوار الوطني (عقداً اجتماعياً) معبراً عن الارادة الشعبية الممثلة في لجان الحوار الوطني، ولا يحق تغييرها الا بإجماع وطني جديد.
4- في فترة الحوار تمارس الحكومة الانتقالية مهامها المتوسطة بها بصورة كاملة، بإعتبارها مكلفة بتحمل مسؤولية انجازها مهمة اعادة بناء الدولة بناء يؤهلها للإنتقال الى مرحلة ادارة الدولة الوطنية المكتملة المقومات.

مهام الحكومة الانتقالية
صلاحيات الرئيس :
1- يمثل الدولة داخلياً وخارجياً .
2- يصدر القوانين التي يقرها المجلس الوطني (البرلمان) ولا يحق له اصدار قوانين بقرارات الا اذا خول له حوار القوى الوطنية اصدار قوانين بقرارات لضرورة حماية الدولة من المخاطر المستجدة.
3- يصدر القرارات المقدمة اليه من الحكومة مع رئيس الحكومة.
4- يشرف على اداء الحكومة ويوجهها عند الضرورة.
5- اعلان الدستور بقرار يصدرة بعد اقرارة في البرلمان والاستفتاء عليه من قبل الشعب.
اما النائب فمهامة معروفة وصلاحياتة نيابية تكاملية مع رئيس الدولة، فهو من ينوب الرئيس في حال غيابة او تمثيلة في المحافل الدولية.
وظائف الحكومة الانتقالية:
• تقوم بمهمة اعادة بناء مؤسسات الدولة ومقوماتها التي دمرها الاحتلال.
• العمل على تنظيم وانجاح الحوار الوطني.
• تعد الموازنة العامة وتحدد طرق تحصيل مواردها.
• تقوم بمعالجة الاضرار الناجمة عن سنوات الاحتلال ومتابعة التعويضات المستحقة المادية والمعنوية.
• تستكمل معالجة ما تبقى من آثار قانوني التأميم والاصلاح الزراعي الصادرين بعد الاستقلال الأول.
• العمل الدبلوماسي المثابر على استعادة عضوية دولة الجنوب المستقلة في المنظمات العربية والدولية واستعادة اعتراف دول العالم بها.
• اعداد مشروع الدستور والقوانين وتقديمها الى المجلس الوطني (البرلمان).
• تنظيم الاستفتاء على الدستور وغيره والتهيئة السياسية والقانونية لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية (ومحلية) ولضمان بناء دولة وطنية ديمقراطية، تؤكد الحكومة الانتقالية رعايتها لها عملياً تلتزم بالتالي:
1- لا يحق للرئيس ونائبة ترشيح نفسيهما في الاستحقاق الانتخابي الاول.
2- ينطبق على رئيس واعضاء الحكومة الشرط نفسة بعدم الترشح في اول انتخابات ديمقراطية تنافسية.
3- بحق للحزب او الائتلاف الفائز في الانتخابات ان يسند مهاماً وزارية لأي من اعضاء الحكومة الانتقالية، وذلك من منطلق ان حرمانهم من خوض الانتخابات، يضع الحكومة في موقف المنظم المحايد والمسؤول المؤسس لنهج ديمقراطي عملي ورعاية التجربة وانجاحها.

الفصل الثاني
مرحلة الدولة والسيادة الوطنية

ان المجلس الوطني اذ يرسم افقاً لمستقبل نضال شعبنا للتحرر والاستقلال من استعمار بدائي متخلف، كي يضع الجماهير في الصورة الواضحة من مستقبل نضالها، وليطمئن مناضلوا شعبنا الميامين ان تضحياتهم سوف تثمر وطناحراً آمناً يسوده العدل والانصاف والحرية وستحقق حلم شعبنا في استعادة دوره ومكانته بين الشعوب.. الخ.
فإن مجلسنا اذ يرسم الافق السياسي لقضية كفاحنا، يدرك بأن الطريق شاق و وعر ومعقد، لكنه يؤمن ايماناً عالياً بالنصر، ولهذا فهو يقدم برنامجاً سياسياً، يحمل مادة فكرية مرحلية واستشرافية للشعب الجنوبي الحي المكافح ويطالبه بإبداء الرأي بحرية وشفافية حول مجمل القضايا المطروحة للنقاش في هذا المشروع القابل للمراجعة والتعديل والتطوير في خضم معركتنا العادلة ضد الاحتلال. ويقصد مجلسنا بمرحلة الدولة السيادية، مرحلة استعادة اركان دولتنا : (أي الأرض والسكان والسيادة والحكومة) وسيادة الدولة على كامل ترابها وحدودها البرية والبحرية المعروفة دولياً واستكمال البناء المؤسسي لدولة النظام والقانون والديمقراطية الشكل والمضمون السياسيين وليس استعادة النظام السياسي السابق لإعلان مايو1990م الذي اصبح جزءاً من ذاكرتنا الجماعية بحسناتة وسيئاتة.
ويرى مجلسنا انه كي يتم ضمان فاعلية وهيبة الدولة ولكفالة توظيف سلطاتها القانونية لصالح المجتمع وخدمة تقدمه في شتى مناحي الحياة السياسية الاقتصادية الاجتماعية والعلمية وتمكينه من حقه السيادي في الحكم وفق عقد اجتماعي (دستور) يعبر عن هذا الحق، بتشريع يجسد الارادة الشعبية بإخضاع الحاكم والمحكوم، الغني والفقير.. الخ. لسيادة القانون، وذلك من خلال المرتكزات المبدئية التالية:
1- التسليم غير المشروط بأن كل سكان الدولة مواطنين لا (رعية) يكفل الوطن والانتماء المشترك اليه، كافة حقوق مواطنتهم دون تمييز. ومبدأ الشراكة هذا يقرر مساواة الجميع امام القانون من رئيس الدولة الى ابسط مواطن في اطراف الدولة.
2- يخضع كل مواطني الدولة للمحاسبة القانونية من الرئيس الى اصغر موظف في جهاز الدولة طالما ارتكب خطأ.
3- الفصل بين السلطات (التنفيذية والتشريعية والقضائية) للحيلولة دون استئثار احدى السلطات بالهيمنة على بقية السلطات والمؤسسات القانونية.
4- اخضاع العلاقة بين السلطات لمبدأ الرقابة المتبادلة فيما بينها، وتعزيز دور الرقابة الشعبية على مستوى الالتزام بالقوانين من قبل سلطات الدولة ومن قبل موظفيها واجهزتها المختلفة .
5- الالتزام للدستور والقوانين ولا يحق تعديلة او تعطيل مادة في الدستور الا بإستفتاء شعبي.
6- تحدد الفترة الزمنية لرئاسة الدولة بفترتين لا تزيد عن 8 سنوات، كل دورة 4 سنوات ومدة البرلمان 4 سنوات ايضاً دورياً.
7- وبناء على ما تقدم يمكن فهم وظيفة سلطات الدولة على النحو التالي:
أ‌- تطبيق الدستور والقوانين وتشريع واصدار القوانين الجديدة التي تقتضيها حالة التطور الموضوعية سياسياً واقتصادياً وثقافياً وعلمياً.. الخ.
ب‌- لعب دور المطبق، المسؤول قانوناً، للحقوق المكفولة دستورياً لمواطني الدولة، كالتوزيع العادل للثروة، وتكافؤ الفرص، وضمان الحقوق والحريات العامة، وصيانة الحقوق الفردية كالملكية الخاصة وغيرها.
ج- تطبيق مبدأ سيادة القانون على الجميع دون تمييز.
د- توفير الاستقرار الامني والمعيشي للسكان، وتوفير للخدمات العامة وكفالة التعليم والتطبيب وحماية المجتمع من الأمراض العصرية الوافدة، ومن السلع والأدوية التجارية المهربة، ومن خلال فرض الرقابة التجارية و الصحية على الواردات واخضاعها لمقاييس الجودة العالمية.
هـ- ادارة الموارد البشرية والمادية، ادارة علمية مسؤولة، لتحقيق تنمية وطنية شاملة.
و- اتباع سياسة خارجية تقوم على اساس المصالح المشتركة مع العالم وبما يؤمن مصالح الدولة ويسهم في خدمة اهدافها الداخلية بأبعادها السياسي والاقتصادي والعلمية والامنية.. الخ.
ز- أي ان وظيفة الدولة هي خدمة المجتمع، وليس العكس المجتمع في خدمة الحاكم . وضبط هذه الوظيفة لا يتأتى الا من خلال سيادة الدستور، وتأمين نظام سياسي ديمقراطي يؤمن تبادلاً سلمياً للسلطة عبر آلية ديمقراطية تحول دون الاستبداد السياسي او الشمولية الفكرية.

على صعيد السياسة الخارجية
ان السياسة الخارجية للدولة، أي دولة، هي انعكاس لسياستها الداخلية، وبما ان الدولةالتي يناضل المجلس الوطني مع كل قوى الجنوب لاستعادتها واعادة بنائها،تقوم على اسس ديمقراطية تمثل احد ابرز مكونات المنظومة السياسية والقانونية، للدولة ، فإن سياساتها الخارجية سوف تقوم على :
1- التفهم الواعي للتطورات والاحداث الدولية العاصفة التي شهدها عاملنا المعاصر على صعيد انهيار التوازن الدولي وما استتبع ذلك منذ انهيار جدار برلين، وكذلك استيعاب ما احدثة التطور التقني والتكنولوجي لا سيما في مجال الاتصالات وتقنية المعلومات، وما احدثته (العولمة) من بتدلات على المستوى المحلي والدولي.
2- ولذلك سوف تعمل دولتنا المستقلة – بإذن الله – من وعي المتغيرات الدولية على استعادة علاقاتها بالمؤسسات الدولية والاقليمية (الامم المتحدة والجامعة العربية ومنظمة الدول الاسلامية) وفي المؤسسات الدولية الأخرى، واقامة علاقاتها الدبلوماسية مع كل شعوب العالم، وفي مقدمتها الدول العربية، على اساس عدم التدخل في الشئون الداخلية وعلى قاعدة المصالح المشتركة واحترام سيادتنا الوطنية.
3- احترام كل المواثيق والعهود والقوانين الدولية الخاصة بحقوق الانسان وحرياته العامة وغيرها، وعكسها في دستور الدولة وقوانينها وستنظم الى كل المعاهدات الدولية الجديدة التي لم توقع عليها بسبب خضوعها للإحتلال.
4- تبني سياسة منفتحة غير مقيدة بنصوص ايديولوجية او مواقف مسبقة مع كل شعوب ودول العالم بما يخدم المصالح المشتركة لشعبنا والشعوب الشقيقة والصديقة، وفي مقدمتها دول الجوار العربية.
5- التزام مبدأ الحوار لحل الخلافات السياسية وغيرها، وستتبنى سياسة رافضة لكل اشكال الارهاب مهما كان مبررات ممارسته ومسمياتة.
6- سوف تتكفل دولتنا بحماية مصالح الدول الشقيقة والصديقة على اراضيها، وستقدم كل اسباب التسهيل وتيسير سبل الاستثمار للرأسمال العربي والأجنبي، بما يساعد على احداث تنمية اقتصادية وعلمية في بلادنا.
7- سوف تقف دولتنا الى جانب الشعب الفلسطيني الشقيق في نضاله لإسترداد ارضه وبناء دولة المستقلة وعاصمتها القدس وسيقف شعبنا مع حق اشقائنا في فلسطين وبمقدار حجم الألم والقهر اللذين ذاق مرارتهما تحت احتلال الاشقاء في (ج.ع.ي) الذي لا يختلف الا بمسمى وجنس ودين المحتل، ليس الا.
8- سيقف شعبنا الى جانب كل الشعوب المناضلة ضد الاستبداد والمكافحة لنيل حقها في تقرير مصيرها بنفسها.
-انتهى- 22/12/2008م